فقال: الآن قد زال الشقاء وذهب العناء ثم رفع طرفه نحو السماء وقال: إلهي وسيدي ومولاي بجاه هذا المحبوب الذي زاد فيه تفكري إلا ما رددت علي بصري، فما استتم كلامه حتى رد الله عليه بصره.
فقال الراهب للرهبان: كيف رأيتم جاه هذا المحبوب عند علام الغيوب؟ ثم أنشأ يقول:
بدا النور من وجه النبي فأشرقا * وأحيا محبا بالصبابة محرقا وابرأ عيونا قد عمين من البكاء * وأصبح من سوء المكاره مطلقا ترى هل ترى عيناي طلعة وجهه * وأصبح من رق الضلالة معتقا ثم قال: يا أولادي إن كان هذا النبي المبعوث في هذا الركب ينزل تحت هذه الشجرة فإنها تخضر وتثمر، فقد جلس تحتها عده من الأنبياء، وهي من عهد عيسى بن مريم (عليه السلام) يابسة، وهذه البئر لم تر فيها ماء فإنه يأتي إليها ويشرب منها، فما كان إلا قليلا وإذا الركب قد أقبل وحول البئر قد نزلوا وحطوا الأحمال عن الجمال.
وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحب الخلوة بنفسه، فأقبل تحت الشجرة فاخضرت وأثمرت من وقتها وساعتها، فما استقر بهم الجلوس حتى قام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فمشى إلى البئر فنظر إليها واستحسن عمارتها وتفل فيها فتفجرت منها عيون كثيرة ونبع منها ماء معين.
فلما رأى الراهب ذلك قال: يا أولادي هذا هو المطلوب فبادروا بصنع الولائم من أحسن الطعام لنتشرف بسيد بني هاشم فإنه سيد الأنام