فقال له العباس: لم تفعل ذلك يا بن أخي؟
قال: يا عم أريد أن أغرسها نخلا.
قال: ومتى تطعم؟
قال: الساعة، نأكل منها ونتزود إن شاء الله تعالى.
فقال له العباس: يا بن أخي النخلة إذا غرست تثمر في خمس سنين!
قال: يا عم سوف ترى من آيات ربي الكبرى، ثم ساروا حتى تواروا عن الوادي.
فقال: يا عم ارجع إلى الموضع الذي فيه النخلات واجمع لنا ما نأكله، فمضى العباس فرأى النخلات قد كبرت وتمايلت أثمارها وأزهرت فأوقر منها راحلته والتحق بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكان يأكل من التمر ويطعم القوم فصاروا متعجبين من ذلك.
فقال أبو جهل لعنه الله: لا تأكلوا يا قوم مما يصنعه محمد الساحر، فأجابه قومه وقالوا: يا بن هشام أقصر عن الكلام فما هذا بسحر.
ثم سار القوم حتى وصلوا عقبة أيله وكان بها دير وكان مملوا رهبانا وكان فيهم راهب يرجعون إلى رأيه وعقله يقال له الفيلق بن اليونان بن عبد الصليب وكان يكنى أبا خبير، وقد قرأ الكتب وعنده سفر فيه صفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من عهد عيسى بن مريم (عليه السلام)، وكان إذا قرأ الإنجيل على الرهبان ووصل إلى صفات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بكى وقال: يا أولادي متى تبشروني بقدوم البشير النذير الذي يبعثه الله من تهامة متوجا بتاج الكرامة تظله الغمامة