فجعلت أتتبع ما كان أخطأ فيه، وكان ذلك مني بالقرشية (يعني: من الحسد).
فقال لي أحمد بن حنبل: فأنت لا ترضى أن يكون رجل من قريش يكون له هذه المعرفة وهذا البيان - أو نحو هذا القول - تمر مائة مسألة يخطئ خمسا أو عشرا، أترك ما أخطأ وخذ ما أصاب». (1) وقال الحميدي: «كان كلامه وقع في قلبي، فجالسته، فغلبتهم عليه، فلم نزل نقدم مجلس الشافعي، حتى كان بقرب مجلس سفيان». (2) وقال داود بن علي في بيان تلاميذ الشافعي: «وكذلك عبد الله بن الزبير الحميدي، بعد نفوره كان يذب عنه وينتحل مذهبه وكتب أكثر كتبه». (3) وكان الشافعي أيضا يربي تلميذه الحميدي، قال محمد بن محمد الشافعي:
«سمعت أبي يقول ليلة للحميدي: بما نحتج عليهم - يعنى أهل الإرجاء - بأحج من قوله: (ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة (4)). (5) وقال الحميدي: كان الشافعي ربما ألقى علي وعلى ابنه أبي عثمان المسألة، فيقول: أيكما أصاب فله دينار. (6) وبعد هذه الملازمة الطويلة أعجب الحميدي بشيخه الإمام الشافعي، فإنه كان يقول: حدثنا سيد علماء أهل زمانه محمد بن إدريس الشافعي. (7)