هذا والأخبار تتظافر لتؤكد مساحة التزوير التي طالت السنة النبوية في عهد مبكر حتى شهد جيل الصحابة عمق المحنة وبشاعة الجريمة.
وهذه الدراسة التي بين يديك، تتناول بقدر من التفصيل التيارات الفكرية في عصر البخاري، وخطط المتوكل في تجذير حالة من العداء لأهل البيت.
كما يناقش موقف البخاري من أبي حنيفة الذي يشكل المحور الأساس لفقه أهل العراق الذين يبادرون في الطعن على المحدثين وبعض الصحابة، ويسمون أنفسهم بالطبيب والمحدثون بالصيادلة، كما أن حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة خطب لأهل الكوفة وقال: «أبشروا يا أهل الكوفة! رأيت عطاء وطاووسا ومجاهدا، فصبيانكم - بل صبيان صبيانكم - أفقه منهم»! إنما قال هذا تحديثا بالنعمة، وردا على بعض شيوخ الرواية ممن لم يؤت نصيبا من الفقه (1).
و قد فصل الكوثري الحنفي في كتاب فقه أهل العراق وحديثهم وتقديمه أيضا للنصب الراية للحافظ الزيلعي بعض ما يرد على المحدثين والدفاع عن مدرسة فقه أهل العراق، وفي هذا المبحث المحور الأساس تبيين المواضع لهاتين الطائفتين، ونشوء ثقافتهما، ففي الحجاز مدرسة أهل الحديث، والآخر مع حضارته التليدة وحظه الكبير من المعارف القانونية الجديدة تسمى بمدرسة أهل الرأي في العراق، وكان منهج مدرسة أهل الحجاز يقوم على أساس الأخذ بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة، ومدرسة العراق على الأخذ بالرأي والبحث عن العلل، وقلة روايتهم للحديث وحذرهم في رفع السند إلى النبي 6 لكثرة الوضع في الحديث، والدس في الأخبار، وعدم تهيبهم من الفتيا، وكان منهج هذا الفكر على اعتقادهم بأن الأحكام الشرعية لها علل ومقاصد، وجعلوا مدار الاستنباط على البحث في العلل والاعتماد على القياس العقلي، ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يهدينا بعد هذه الجولة إلى الخير بأن