وهم أيضا يطعنون في البخاري على هذه المسألة، فقد روى الطحاوي: «ولقد حدثني ابن أبي داود قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا أبو بكر عياش، قال: ما رأيت فقيها قط يفعله، يرفع يديه في غير التكبيرة الاولى». (1) يعني بذلك: أنهم لا يعدون البخاري فقيها، «حيث يرى وجوب رفع اليدين في غير التكبيرة الاولى».
وقال البخاري: «وقد قال معمر: أهل العلم كان الأول فالأول أعلم، وهؤلاء الآخر فالآخر عندهم أعلم.
ولقد قال ابن المبارك: «كنت أصلي إلى جنب النعمان بن ثابت فرفعت يدي فقال: إنما خشيت أن تطير.
فقلت: إن لم أطر في أوله، لم أطر في الثانية! قال وكيع: رحمة الله على ابن المبارك كان حاضر الجواب، فتحير الآخر وهذا شبه من الذين عادون في غيهم إذا لم ينصروا». (2) وقال السندي: «هذه الحكاية مروية عن وكيع بطرق. قال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنبأ الحسن بن حليم الصائغ بمرو: حدثنا أبو الموجة، أخبرني أبو نصر محمد بن أبي الخطاب - وكان رجلا صالحا، قال: أخبرني علي بن يونس حدثنا وكيع قال: صليت في مسجد الكوفة فإذا أبو حنيفة قائم يصلي وابن المبارك إلى جنبه يصلي، فإذا عبد الله يرفع يديه كلما ركع وكلما رفع وأبو حنيفة لا يرفع. فلما فرغوا من الصلاة قال أبو حنيفة لعبد الله: يا أبا عبد الرحمن! رأيتك تكثر رفع اليدين، أردت أن تطير؟
فقال عبد الله: يا أبا حنيفة! قد رأيتك ترفع يديك حين افتتحت الصلاة فأردت أن تطير؟ فسكت أبو حنيفة. قال وكيع: فما رأيت أحضر من جواب عبد الله لأبي حنيفة». (3)