شهود. وهذا كلام صحيح وإن كان أخرجه مخرج الدعابة والهزل (1).
... لهذه الأسباب قامت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، وتوجهت نحو مسجد أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأجل المطالبة بحقها. إنها لم تذهب إلى دار أبي بكر ليقع الحوار بينها وبينه فقط، بل اختارت المكان الأنسب وهو المركز الإسلامي يومذاك، ومجمع المسلمين حينذاك، وهو مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما وأنها اختارت الزمان المناسب أيضا ليكون المسجد غاصا بالناس على اختلاف طبقاتهم من المهاجرين والأنصار، ولم تخرج وحدها إلى المسجد بل خرجت في جماعة من النساء، وكأنها في مسيرة نسائية، وقبل ذلك تقرر اختيار موضع من المسجد لجلوس بضعة رسول الله وحبيبته، وعلقوا سترا لتجلس السيدة فاطمة خلف الستر، إذ هي فخر المخدرات، وسيدة المحجبات. كانت هذه النقاط مهمة جدا واستعد أبو بكر لاستماع احتجاج سيدة نساء العالمين، وابنة أفصح من نطق بالضاد، وأعلم امرأة في العالم كله.
خطبت السيدة فاطمة الزهراء خطبة ارتجالية منظمة منسقة بعيدة عن الاضطراب في الكلام، ومنزهة عن المغالطة والمراوغة والتهريج والتشنيع، بل وعن كل ما لا يلائم عظمتها وشخصيتها الفذة، ومكانتها السامية، وتعتبر هذه الخطبة معجزة خالدة للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، وآية باهرة تدل على جانب عظيم من الثقافة الدينية التي كانت تتمتع بها الصديقة فاطمة الزهراء.
وأما الفصاحة والبلاغة، وحلاوة البيان، وعذوبة المنطق، وقوة الحجة، ومتانة الدليل، وتنسيق الكلام، وإيراد أنواع الاستعارة بالكناية، وعلو المستوى، والتركيز على الهدف، وتنوع البحث... (2).