يوجد أي شئ دون أن تكون له علة مؤثرة فيه، وعلى هذا الأساس نجد أن الكثير قد طعنوا في اسمها الذي نحن بصدد الوقوف معه في هذه الصفحات حيث يقتضي اسم البتول مخالفة قانون العلية كل ذلك لما لهذا الاسم (البتول) من معنى مؤثر وفاعل على طبيعة الحياة البشرية، ولو أن هؤلاء الذين وقفوا موقف التعنت لهذه الكرامة ولهذا المقام السامي وتأملوا في مراجعة القوانين الكونية والسنن الإلهية لوجدوا أن هناك الكثير من هذه القوانين قد خرقت وبتأييد من الله تعالى وهذا ما نجده من خلال مراجعة القرآن الكريم باعتباره المصدر الأول للتشريع الإسلامي ولقضايا المهمة التي ربما لا يوجد لها حل (ونزلنا القرآن تبيانا لكل شئ) أي لا يوجد شئ من الأمور التي تعرض لنا في الحياة إلا وله أساس ومعرفة وبيان من القرآن الكريم، أما من الذي يستطيع إدراك هذا البيان ومعرفته المعرفة الحقة فهذا ما نراه واضحا بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من بعده: ثم من بعد ذلك نرجع إلى الذين أوصى بهم الأئمة بالعودة إليهم بعد غيبة القائم عجل الله تعالى فرجه " وأما الحوادث الواقعة في زمن الغيبة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم)، إذن لا بد بالنتيجة النهائية أن نرجع إلى القرآن الكريم ونرى هل أن هناك قوانين شذ عنها الكثير من الناس وحسب ما ارتضاه الله تبارك وتعالى؟
(نعم) بهذا القول سوف يجيبنا القرآن الكريم فثمة هناك شواهد واضحة البرهان جلية البيان، صريحة في معناها متقدة في مغزاها أثبتت من خلال واقعيتها مدى صحة مدركيتها فهذه النار التي جعلت لإبراهيم (عليه السلام) بردا وسلاما وخالفت قوانين الطبيعة في سلوكها وخاصيتها المحرقة وهذه شجرة من يقطين أنبتت ليونس (عليه السلام) بعد أن نبذه الحوت بالعراء وهو سقيم، مع العلم بأن حبة اليقطين تحتاج إلى مدة غير قصيرة، حتى تنبت وتورق وتستر بورقها جسم إنسان أو غير إنسان، وهكذا نجد في شذوذ الكثير من المسائل عن القوانين والسنن الإلهية، فهذه مريم مخالفة في ولادة عيسى (عليه السلام) من غير أب مسألة قانون التناسل البشري الطبيعي، وكذلك هناك طوائف عديدة وأمثلة واضحة تدل دلالة صريحة على أنه هناك الكثير من القوانين قد خرقت بقدرة الله تعالى باعتباره هو مسبب الأسباب الطبيعي بل هو الجاعل لهذه السنن القدرة بهذه