قضية أن فاطمة سلام الله عليها لا ترى الدم ولا الحيض وأمثال هذه القذارة، فحسب قولهم أنها مخالفة لحديث الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال: " أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسبابها فجعل لكل شئ سببا " وذلك من جهة خروجها عن هذا النظام الأكمل في الطبيعة فنقول: قد تبين الحال من خلال مراجعة القرآن الكريم وأن الكثير من الشواهد القرآنية تدل دلالة قطعية على أن الله تعالى قد تصرف في ملكه وقهر الكثير من القواعد المطردة في الطبيعة الكونية " ذلت لقدرتك الصعاب وتسببت بلطفك الأسباب " " ويا مسبب الأسباب من غير سبب ".
وقد علق المحقق الهمداني (1) على هذه المسألة ببيان واضح ذو فائدة جلية ومضامين عالية وغير مخالفة لما هو الأساس من هذه المسألة حيث قال:
توجد في القرآن الكريم طائفة من القصص والوقائع والحوادث لا يساعد عليها جريان العادة المشهورة في عالم الطبيعة على نظام العلة والمعلول المعهودة، كحمل مريم سلام الله عليها، فإنها مع أنه لم تمسسها بشر حملت بولدها عيسى (عليه السلام)، وكحمل سارة بإسحاق (عليه السلام) مع أنها كانت عجوزا، وكحمل امرأة زكريا بيحيى مع أنها كانت عاقرا، وأمثال ذلك في المعجزات وخوارق العادات التي يثبتها القرآن لعدة من الأنبياء الكرام كمعجزات نوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وداود وسليمان وموسى وعيسى ومحمد (عليهم السلام)، فإن كل ذلك أمور خارقة للعادة.
فبعد هذا البيان يظهر للقارئ الكريم بطلان ما يقال: إن الحيض في النساء من لوازم الخلقة، فخلو المرأة عنه نقص، وإن العادة الشهرية علامة وسبب للولادة، لأنا نقول:
ليس الخروج من مضايق الطبيعة نقصا بل ربما يكون كرامة يا لها من كرامة! على أن الحيض بنفسه قذارة ورجس، كما قال الله عز وجل (قل هو أذى) أي قذارة يتأذى منها، فإن المرأة حين حدثت لها العادة الشهرية تنفعل وتخجل وتنكسر ولا ترضى أن تصرح بها لكل أحد وإن كان أمس الناس إليها من الرجال والنساء، وقد تحدث فيها ضعف، ومن ذلك سقطت عنها في هذه الأيام الصلاة والصوم، وحرم عليها اللبث في