الكيفية كل هذا المقال الذي قلنا به وبينا الشئ اليسير منه لكي نرجع إلى قضية فاطمة سلام الله عليها في كونها بتول منقطعة عن الحيض، فهل هذا اختلاف وتغير في قانون الطبيعة أم هي كرامة من الله تعالى لها؟
وهل لهذه المسألة وجه يخرج عنه المتحير فكره إلى الصحيح من البيان؟ نعم نقول في فاطمة (عليها السلام) كانت بتول بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وسبق أن قلنا أن هذه المسألة لم تكن الفريدة من نوعها، بل توجد شواهد قرآنية عليها ومن خلال أبسط استقراء للقرآن الكريم نرى هذا الشئ الواضح.
أما بيان البتول والوقوف عليها، وبيان الوجه في ذلك فهذا ما سيظهر لنا من خلال مراجعة كتب اللغة والحديث والتاريخ لنرى كيف كانت فاطمة سلام الله عليها بتول بكل ما تحمل هذه الكلمة من مدلولات واضحة.
أما بيان معنى هذه الكلمة من خلال مراجعة كتب اللغة فيظهر من خلال هذه الكتب أنه سئل أحمد بن يحيى عن فاطمة رضوان الله عليها بنت سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لم قيل لها: البتول؟ فقال: لانقطاعها عن نساء أهل زمانها ونساء الأمة عفافا وفضلا ودينا وحسبا. وقيل: لانقطاعها عن الدنيا إلى الله عز وجل... وقيل:
تبتيل خلقها انفراد كل شئ عنها بحسنه لا يتكل بعضه على بعض. قال ابن الأعرابي:
المبتلة من النساء: الحسنة الخلق، لا يقصر شئ عن شئ، لا تكون حسنة العين سمجة الأنف، ولا حسنة الأنف سمجة العين، ولكن تكون تامة (1).
وقال ابن الأثير: وامرأة بتول: منقطعة عن الرجال لا شهوة لها فيهم، وبها سميت مريم أم المسيح (عليهما السلام). وسميت فاطمة " البتول " لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا ودينا وحسبا. وقيل: لانقطاعها عن الدنيا إلى الله تعالى (2).
وقال الطريحي: والبتول فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قيل: سميت بذلك لانقطاعها إلى الله وعن نساء زمانها فضلا، وعن نساء الأمة فضلا وحسبا ودينا (3).