أن يكونا مبطلين كاذبين فيما شهدا به، وليس يصح الاستظهار على قول من قد أمن من الكذب بقول من لا يؤمن عليه، ذلك كيما لا يصح الاستظهار على قول المؤمن بقول الكافر، وعلى قول العدل البر بقول الفاسق الفاجر. ويدل أيضا على ذلك: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استشهد على قوله فشهد خزيمة بن ثابت في ناقة نازعه فيها منازع، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من أين علمت يا خزيمة، أن هذه الناقة لي؟ أشهدت شرائي لها؟ فقال: لا ولكني علمت أنها لك من حيث إنك رسول الله، فأجاز النبي صلى الله عليه وآله وسلم شهادته كشهادة رجلين وحكم بقوله فلو لا أن العصمة دليل الصدق وتعني عن الاستشهاد، لما حكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقول خزيمة من ثابت وحده وصوبه في الشهادة له على ما لم يره ولم يحضره، باستدلاله عليه بدليل نبوته وصدقه على الله سبحانه فيما أراده إلى بريته، وإذا وجب قبول قول فاطمة عليها السلام بدلائل صدقها، واستغنت عن الشهود لها ثبت أن من قطع حقها وأوجب الشهود على صحة قولها، قد جار في حكمه وظلم في فعله، وآذى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بإيذائه لفاطمة عليها السلام وقد قال الله عز وجل: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) (1). إذن لا شك في عصمة فاطمة عليها السلام، أما عندنا فللإجماع القطعي المتواتر والأخبار المتواترة في فضائلها ومناقبها.
وأما الحجة على المخالفين:
1 - فبآية التطهير الدالة على عصمتها، وكما بينا في إثبات نزول هذه الآية في جماعة كانت داخلة فيهم بل هي قطب الرحى الذي يدور فيه أهل البيت عليهم السلام.
2 - وبالأخبار المتواترة الدالة على أن إيذائها إيذاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإن الله تعالى يغضب لغضبها ويرضى لرضاها: ووجه الاستدلال بالروايات على عصمتها صلوات الله عليها: أنه كانت فاطمة عليها السلام ممن تقارف الذنوب وترتكبها ، لجاز إيذاؤها، بل إقامة الحد عليها، لو فعلت معصية، وارتكبت ما يوجب حدا، لم يكن رضاها رضى الله