يغضبني من أغضبها ويسرني من أسرها وإن الله ليغضب لغضبها ويرضى لرضاها.
فإن هذا كاشف عن إناطة رضاها بما فيه مرضاة الرب جل شأنه وغضبه بغضبها حتى إنها لو غضبت أو رضيت على أمر مباح لا بد أن تكون له جهة شرعية تدخله في الراجحات لم تكن حالة الرضا والغضب فيها منبعثة عن جهة نفسانية وهذا مثل العصمة الثابتة لها عليها السلام (1) وقد قال الشيخ المفيد طاب ثراه (2) في إثبات الحكم بكون فاطمة معصومة من الزلل والخطأ ما نصه: قد ثبت عصمة فاطمة عليها السلام بإجماع الأمة على ذلك فتيا مطلقة، وإجماعهم على إنه لو شهد شهود بما يوجب إقامة الحد من الفعل المنافي للعصمة، لكان الشهود مبطلين في شهادتهم، ووجب على الأمة تكذيبهم وعلى السلطان عقوبتهم، فإن الله تعالى قد دل على ذلك بقوله: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.
ولا خلاف بين نقلة الآثار إن فاطمة عليها السلام كانت من أهل هذه الآية، وقد بينا فيما سلف إن ذهاب الرجس عن أهل البيت الذين عنوا بالخطاب يوجب عصمتهم ولإجماع الأمة أيضا على قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من آذى فاطمة فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله عز وجل. فلولا أن فاطمة عليها السلام كانت معصومة من الخطأ، مبرأة من الزلل، لجاز منها وقوع ما يجب آذاها بالأدب والعقوبة ولو وجب ذلك لوجب آذاها ولو جاز وجوب آذاها لجاز آذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والأذى لله عز وجل فلما بطل ذلك دل على أنها عليها السلام كانت معصومة حسب ما ذكرناه، وإذا ثبت عصمة فاطمة عليها السلام وجب القطع بقولها، واستغنت عن الشهود في دعواها - في قضية فدك - لأن المدعي إنما افتقر للشهود لارتفاع العصمة عنه وجواز ادعائه الباطل فيستظهر بالشهود وعلى قوله لئلا يطمع كثير من الناس في أموال غيرهم، وجحد الحقوق الواجبة عليهم وإذا كانت العصمة مغنية عن الشهادة وجب القطع على قول فاطمة عليها السلام وعلى ظلم مانعها فدكا ومطالبتها بالبينة عليها.
ويكشف عن صحة ما ذكرناه أن الشاهدين إنما يقبل قولهما على الظاهر مع جواز