في الليلة التي عرض فيها النبي عليه الصلاة والسلام الاسلام على ابن عمه علي دخل لينام وهو يفكر فيما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته خديجة وهما يصليان، وفيما سمع من الرجل الذي أحبه بكل جوارحه والذي اتخذه أسوة حسنة أن يدعوه إلى دين اصطفاه الله لنفسه وبعث به أنبياءه، فهو لا يدعوه إلا إلى الخير لماذا أخبره أنه ليس بقاض أمرا حتى يحدث أباه؟ هل استشار الله أبا طالب لما أراد أن يخلقه؟ لماذا يؤجل هو اعتناقه عقيدة خيرة تدعو إلى إله واحد لا شريك له إلى أن يحدث أباه أبا طالب؟ ولما أشرقت شمس اليوم التالي خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته الطاهرة، وقبل أن يتأهب للصلاة خرج علي بن أبي طالب واقترب من أبي القاسم وقال في انفعال وصدق: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، ضمه النبي عليه الصلاة والسلام إلى صدره في حب عميق وأخذت سيدة نساء قريش ترنو إلى الصبي بعينين تترقرق فيهما دموع الفرح.
ومنهم الشيخ عبد المنعم محمد عمر في " خديجة أم المؤمنين " (ص 465 ط دار الريان للتراث) قال:
أما علي بن أبي طالب فكان مما أنعم الله عليه أن ضمه ابن عمه إلى أسرته وهو في السابعة من عمره بعد مولد فاطمة بعامين، فشب يرعاه خاتم الأنبياء والمرسلين ووجهه إلى أفضل الأخلاق، فكان منذ صغره تقيا طاهرا، وكان أول الناس إسلاما بعد خديجة بنت خويلد، وأول من صلى خلفه بعدها، وقد سئل محمد بن كعب القرظي عن أول من أسلم: علي أو أبو بكر؟ فقال: سبحان الله، علي أولهما إسلاما، وإنما اشتبه على الناس لأن عليا أخفى إسلامه عن أبي طالب، وأسلم أبو بكر وأظهر إسلامه، وعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما علمه الله، فكان أعلم الناس بالقرآن الكريم ما نزلت آية إلا وقد علم فيم نزلت، وأين نزلت، وهل نزلت بليل أم نهار، حتى صار أعلم الناس بأحكام الله وأقضى الصحابة كما وصفه عمر بن