هديتي وترد الطراز إلى ما كان عليه أول الأمر، وكانت هدية بررتني بها ويبقى الأمر بيني وبينك.
فلما قرأ عبد الملك الكتاب صعب عليه وعظم وضاقت به الأرض وقال: أحسبني أشأم مولود ولد في الاسلام، لأني جنيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من شتم هذا الكافر ما يبقى إلى أبد الدهور، ولا يمكن محوه من جميع مملكة العرب إذا كانت المعاملات تدور بين الناس بدنانير الروم ودراهمهم. فجمع أهل الاسلام واستشارهم، فلم يجد عندهم رأيا يعمل به.
فقال له روح بن زنباع: إنك لتعلم المخرج من هذا الأمر ولكنك تتعمد تركه، فقال: ويحك بم؟ قال: عليك بالباقر من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. قال:
صدقت، ويمكنه يا روح الرأي فيه. قال: نعم.
فكتب إلى عامله بالمدينة: أن أرسل محمد بن علي بن الحسين مكرما، ومتعه بمائة ألف درهم لجهازه وثلاثمائة درهم لنفقته، وأرح عليه في جهازه وجهاز من يخرج معه من أصحابه، وحبس الرسول قبله إلى موافاة محمد بن علي، فلما وافاه أخبره الخبر، فقال له محمد رضي الله عنه: لا يعظم هذا عليك، فإنه ليس بشئ من جهتين: إحداهما أن الله عز وجل لم يكن ليطلق ما تهدد به صاحب الروم في رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثانية تدعو في هذا الوقت بصناع يضربون سككا للدراهم والدنانير وتجعل النقش عليها سورة التوحيد وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إحداهما في وجه الدرهم والدينار والأخرى في الوجه الثاني. وتجعل في مدار الدرهم أو الدينار ذكر البلد الذي يضرب فيه والسنة التي تضرب فيها تلك الدراهم والدنانير، وتعمد إلى وزن ثلاثين درهما عددا من الثلاثة أصناف التي العشرة منها وزن عشر مثاقيل، وعشرة منها وزن ستة مثاقيل، وعشرة منها وزن خمسة مثاقيل، فتكون أوزانها جميعا أحدا وعشرين مثقالا فيجزئها من الثلاثين، فتصير العدة من الجميع وزن سبعة مثاقيل وتصب صنجاة من قوارير لا تستحيل إلى زيادة