ابن مروان - وكان عامله بمصر - بإبطال ذلك الطراز الذي يعمل على الثياب والقراطيس والستور وغير ذلك وأن تعمل صناع القراطيس سورة التوحيد وأشهد أن لا إله إلا الله، وهذا طراز القراطيس خاصة إلى هذا الوقت ولم ينقص ولم يزد ولم يتغير، وكتب إلى عمال الآفاق جميعا بإبطال ما في أعمالهم من القراطيس المطرزة بطراز الروم ومعاقبة من وجد عنده بعد هذا النهي شئ منه بالضرب الوجيع والحبس الطويل بعد ما أنبت القراطيس بالطراز المحدث بالتوحيد، وحمل إلى بلاد الروم منها وانتشر خبرها ووصل إلى ملكهم، فترجم له ذلك الطراز فأنكره وعظم عليه واستشاط غضبا، فكتب إلى عبد الملك: إني أعمل القراطيس بمصر وسائر ما يطرز هناك للروم، ولم تزل تطرز بطراز الروم إلى أن أبطلته، فإن كان من تقدمك من الخلفاء قد أصاب فقد أخطأت، وإن كنت قد أصبت فقد أخطأوا، فاختر من هاتين الخلتين أيهما شئت وأحببت، وقد بعثت إليك بهدية تليق بمحلك وأحببت أن ترد طراز تلك القراطيس إلى ما كان عليه وجميع ما كان يطرز أولا لأشكرك عليه وتأمر بقبض الهدية، وكانت عظيمة القدر.
فلما قرأ عبد الملك كتابه رد الرسول وأعلمه أنه لا جواب له ورد الهدية، فانصرف بها إلى صاحبه، فلما وافاه أضعف الهدية ورد الرسول إلى عبد الملك وقال: إني ظننت أنك استقللت الهدية فلم تقبلها ولم تجبني إلى كتابي، فأضعفت الهدية وأنا أرغب إليك في مثل ما رغبت فيه أولا من رد الطراز إلى ما كان عليه. فقرأ عبد الملك الكتاب ولم يجبه ورد الهدية، فكتب إليه ملك الروم كتابا يقتضي أجوبة كتبه يقول: إنك قد استخففت بجوابي وهديتي ولم تسعفني بحاجتي، فتوهمت أنك استقللت الهدية فأضعفتها فجريت على سبيلك الأول، وقد أضعفتها لك ثالثا، وأنا أحلف بالمسيح لتأمرن برد الطراز إلى ما كان عليه أو لآمرن بنقش الدراهم والدنانير، فإنك تعلم أنه لا ينقش شئ منها إلا ما ينقش في بلادي، ولم أر الدراهم والدنانير نقشت في بلاد الاسلام، فننقش عليها شتم نبيك، فإذا قرأته ارفض جبينك عرقا، فأحب أن تقبل