الآخرة عليهم، ولم يصمهم عن ذكر الله ما سمعوا بآذانهم من الفتنة، ولم يعمهم عن نور الله ما رأوا بأعينهم من الزينة، ففازوا بثواب الأبرار، إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤنة وأكثرهم لك معونة، إن نسيت ذكروك وإن ذكرت أعانوك، قوالين بحق الله قوامين بأمر الله، قطعوا بمحبتهم لمحبة ربهم، ونظروا إلى الله وإلى محبته بقلوبهم، وتوحشوا من الدنيا لطاعة مليكهم، وعلموا أن ذلك منظور إليهم من شأنهم، فأنزل الدنيا بمنزل نزلت به فارتحلت منه، أو كمال أصبته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شئ، واحفظ الله تعال يما استرعاك من دينه وحكمته.
ومنهم الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان المشتهر بابن أبي الدنيا في كتابه " ذم الدنيا " (ص 129 ط مكتبة القرآن بولاق، القاهرة) قال:
حدثني سلمة بن شبيب، عن عبد الله بن عمر الواسطي، عن أبي الربيع الأعرج، عن شريك، عن جابر قال: قال لي محمد بن علي: يا جابر إني لمحزون، وإني لمشتغل القلب. قلت: وما حزنك وشغل قلبك؟ قال: يا جابر إنه من دخل قلبه صافي خالص دين الله شغله عما سواه - فذكر مثل ما تقدم عن ابن عساكر باختلاف يسير في اللفظ، فيه " واكر الله معونة " و " منظور إليه من شأنه ".
ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في " أحسن القصص " (ج 4 ص 276 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال:
وقال لجابر الجعفي: يا جابر إني لمشتغل القلب - فذكر مثل ما تقدم عن ابن عساكر باختلاف قليل، وفيه " قائمين بأمر الله فاجعل الدنيا كمنزل نزلت به ".
ومنهم العلامة الشيخ محمد بن داود بن محمد البازلي الكردي الحموي الشافعي المتوفى سنة 925 في " غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام " (ص 190