كثير الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عالما، ولم يكن من أهل البيت مثله. ويقول الزهري: ما رأيت أفقه من زين العابدين لولا أنه قليل الحديث.
وهذه الشهادة بالفقه من شيخ مالك بن أنس تعلن رأي جيل التابعين. بل إن الزهري يعلن مكانة زين العابدين بين كل الأحياء بقوله: ما رأيت قرشيا أفضل منه، قصد إليه يوما ونفسه تكاد تبسل من ذنب ألم به، فرده الإمام إلى صميم الاسلام قال:
قنوطك من رحمة الله التي وسعت كل شئ أعظم من ذنبك.
والشافعي الذي يقول في ابن شهاب الزهري: لولا الزهري لذهبت السنن من المدينة، يضع زين العابدين في أعلى مكان، فيعده أعلم أهل المدينة.
كان كثير البكاء من يوم كربلاء، فقيل له في ذلك فقال: إن يعقوب عليه السلام بكى حتى ابيضت عيناه من الحزن على يوسف - ولم يتحقق موت يوسف - وقد رأيت بضعة عشر رجلا من أهلي يذبحون في غداة واحدة.
وربما فسر لنا هذا المقال بعض أسباب انصرافه إلى تعليم المسلمين دينهم، لصلاح دنياهم، وإجماع المسلمين على إجلاله.
وقال الفاضل المعاصر الأستاذ أحمد أبو كف في كتاب " آل بيت النبي في مصر " (ص 59 ط دار المعارف، القاهرة) قال:
لو لم يكن علي زين العابدين مريضا في يوم كربلاء وما حدث من مذبحة شنيعة لرجال آل البيت، بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتوقف أو انقطع نسل النبوة، من صلب الحسين بن علي بن أبي طالب.
لكن الله كان رؤوفا بآل البيت رسوله.
كان زين العابدين وهي الصفة التي لصقت بعلي بن الحسين هو الوحيد من الذكور الذي لم تمسسه سيوف وحقد بني أمية في كربلاء، كي يصبح زهرة آل البيت الوحيدة التي ترعرعت ونمت، ولتتصل عترة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولتصبح هذه