شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٢٨ - الصفحة ١٦٣
وأطاف به أهل الشام، فبينا هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليه إزار ورداء أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز، فجعل يطوف بالبيت فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى له الناس عنه حتى يستلمه هيبة له وإجلالا، فغاظ ذلك هشاما، فقال رجل من أهل الشام لهشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة فأفرجوا له عن الحجر؟ فقال هشام: لا أعرفه. لئلا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق: وكان حاضرا - لكني أعرفه، فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟
فقال الفرزدق 1):

١) لا اعتبار بقول من نسب القصيدة إلى غير الفرزدق بعد تصريح أكابر المحدثين وأساطين المؤرخين أنها للفرزدق الشاعر وذكروا قصتها كما ذكرنا في ج ١٢ ص ١٣٦ إلى ص ١٤٩ و ج ١٩ ص ٤٤٢ إلى ص ٤٤٦ عن أبي إسحق الحصري القيرواني المالكي في " زهر الآداب " والمجد ابن الأثير الجزري في " المختار في مناقب الأخيار " والشمس السفاريني في " شرح ثلاثيات مسند أحمد " والعلامة باكثير الحضرمي في " وسيلة المآل " والعلامة إبراهيم البيهقي المتوفى سنة ٣٠٠ في " المحاسن والمساوي " والحافظ الطبراني في " المعجم الكبير " والحافظ الهيتمي في " مجمع الزوائد " والحافظ ابن حجر في " الصواعق " وابن الصباغ المالكي في " الفصول المهمة " والعلامة الحضرمي في " رشفة الصادي " والحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " والحافظ أبو نعيم الأصفهاني في " الحلية " والعلامة ابن حجة الحموي في " ثمرات الأوراق " والعلامة القرماني في " أخبار الدول وآثار الأول " والعلامة سبط ابن الجوزي في " التذكرة " والعلامة الكنجي في " كفاية الطالب " والتاج السبكي في " طبقات الشافعية الكبرى " والعلامة الكمال الدميري في " حياة الحيوان " والعلامة ابن نباته المصري في " سرح العيون " والشيخ أبو محمد اليافعي الشافعي في مرآة الجنان " والعلامة جار الله الزمخشري في " الفائق " والعلامة الزرقاني في " شرح المواهب اللدنية " والعلامة الصديقي الهندي في " مجمع بحار الأنوار " والعلامة العفيف اليافعي في " روض الرياحين " والعلامة الآمرتسري في " أرجح المطالب " والعلامة الخواجة پارسا البخاري في " فصل الخطاب " وأبو المجد ابن أبي الأصبغ العدواني المصري في " بديع القرآن " والعلامة ابن طلحة في " مطالب السؤل " والعلامة البرهان الأنصاري الكتبي في " غرر الخصائص الواضحة " والعلامة الخمراوي في " مشارق الأنوار " والعلامة الهاشمي الأفغاني في " أئمة الهدى " وعلامة اللغة والنسب الزبيدي في " تاج العروس " والشيخ حسن النجار المصري في " الإشراف " والحافظ الراغب الأصفهاني في " محاضرات الأدباء " والعلامة السيد عباس المكي في " نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس ". والعلامة الشيخ أحمد الشافعي الصغير المصري في " تحفة الراغب " والحافظ الشمس الذهبي في " سير أعلام " والشيخ يس السنهوتي الشافعي في " الأنوار القدسية " والعلامة ابن شاكر الشافعي في " عيون التواريخ " والعلامة الشبلنجي في " نور الأبصار " وغيرهم.
وهؤلاء الأعاظم كلهم صرحوا بأن القصيدة للفرزدق، قالها في علي بن الحسين عليهما السلام حين طاف هشام بن عبد الملك بالبيت وأراد أن يستلم الحجر فلم يقدر، وأقبل علي بن الحسين عليهما السلام يطوف بالبيت، فلما بلغ موضع الحجر تنحى له الناس عنه واستلمه، وقال رجل من أهل الشام: من هذا؟ فقال هشام: لا أعرفه. فقال الفرزدق: وأما أنا فأعرفه، فقال...
وقال العلامة عبد القادر بن عمر البغدادي المتوفى سنة 1093 في " شرح أبيات مغني اللبيب " (ج 5 ص 311 ط دار المأمون للتراث، دمشق وبيروت) قال:
يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم على أن من فيه للتعليل، وأورده المصنف والمرادي في شرحه على أن نائب الفاعل ضمير المصدر وهو الاغضاء. قال ابن يعيش: ولا يكون " من مهابته " نائب الفاعل، لأن المفعول له لا يقوم مقام الفاعل، لئلا تزول الدلالة على العلة فاعرفه. إنتهى. وكذا في " إعراب الحماسة " لابن جني أيضا، قال ابن الحاج في نقد " المقرب " لابن عصفور: نص أبو الفتح في " التنبيه " على مشكل " الحماسة " على أن قوله: من مهابته، ليس نائب الفاعل، لأنه مفعول له، وليس مثل: سير بزيد، لأن بزيد مفعول في المعنى، وهذا خطأ، بل كل مجرور يقوم مقام الفاعل، فيجوز: ذهب مع فلان، وامتلئ من الماء، وأغضي من مهابة زيد، وسير في حال إقامته، انتهى. نقله أبو حيان في " تذكرته " وله مذاهب قد انفرد بها، ويغضي بالبناء للفاعل، وفاعله ضمير راجع على الممدوح علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم، كما يأتي، والاغضاء: إرخاء الجفون، وحياء: مفعول له، ويجوز أن يكون نائبا عن المفعول المطلق، أي: إغضاء حياء، ويكلم بالبناء للمفعول، يقول: لا يبدأ الناس بالكلام لهيبته إلا إذا تبسم.
والبيت من قصيدة للفرزدق، قال السيد المرتضى في " أماليه ": أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن عمران المرزباني قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثني جدي يحيى بن الحسن العلوي، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن طالب، قال: حدثني غير واحد من أهل الأدب أن علي بن الحسين حج، فاستجهر الناس جماله، وتشوقوا له، وجعلوا يقولون: من هذا؟ فقال:
الفرزدق:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم يغضي حياء ويغضى من مهابته * فلا يكلم إلا حين يبتسم أي القبائل ليست في رقابهم * لأولية هذا أو له نعم من يشكر الله يشكر أولية ذا * فالدين من بيت هذا ناله الأمم وفي رواية الغلابي: أن هشام بن عبد الملك حج في خلافة عبد الملك أو الوليد وهو حديث السن فأراد أن يستلم الحجر، فلم يتمكن من ذلك لتزاحم الناس عليه، فجلس ينتظر خلوة، فأقبل علي بن الحسين، رضي الله عنهما، وعليه إزار ورداء، وهو أحسن الناس وجها، وأطيبهم ريحا، وبين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز، فجعل يطوف بالبيت، فإذا بلغ الحجر، تنحى عنه الناس حتى يستلمه هيبة له وإجلالا، فغاظ ذلك هشاما، فقال رجل من أهل الشام لهشام: من الذي قد هابه الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه، لئلا يرغب فيه أهل الشام،
(١٦٣)
مفاتيح البحث: الشاعر الفرزدق (8)، علي بن الحسين (3)، الشام (6)، الطواف، الطوف، الطائفة (4)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب الفصول المهمة لإبن صباغ المالكي (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب نور الأبصار للشبلنجي (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، كتاب الأنوار القدسية للشيخ محمد حسين الأصفهانى (1)، كتاب حياة الحيوان للدميري (1)، الحافظ أبو نعيم (1)، كتاب فصل الخطاب لسليمان أخ محمد بن عبد الوهاب (1)، كتاب البداية والنهاية (1)، كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، الطبراني (1)، الزمخشري (1)، مدينة بيروت (1)، إبن الأثير (1)، كتاب بحار الأنوار (1)، الراغب الإصفهاني (1)، هشام بن عبد الملك (2)، يحيى بن الحسن (1)، أبو عبد الله (1)، الحسن بن محمد (2)، القرآن الكريم (1)، الدميري (1)، دمشق (1)، الشكر (2)، الحج (4)، الوفاة (1)، الكرم، الكرامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 163 163 163 175 176 ... » »»
الفهرست