أفظع وأوجع أم ما فعله بطفلي عبيد الله بن العباس، وكان عبيد الله يومئذ عاملا لأمير المؤمنين على اليمن فهرب إليه من بسر، واستخلف عبد الله بن عبد المدان الحارثي وكان جد الطفلين لأمهما، فقتله بسر فيمن قتلهم يومئذ من الألوف المؤلفة من خيار الناس وقتل ابنه، وبحث عن الطفلين فوجدهما عند رجل من كنانة في البادية، فلما أراد بسر قتلهما قال له الكناني (كما في تاريخ ابن الأثير) لم تقتلهما وهما طفلان لا ذنب لهما، فإن كنت قاتلهما فاقتلني معهما، فقتله ثم ذبحهما بين أيدي أمهما (75) فهامت على وجهها جنونا مما نالها تأتي الموسم تنشدهما فتقول:
يا من أحس بابني اللذين هما * كالدرتين تشظى عنهما الصدف يا من أحس بابني اللذين هما * مخ العظام فمخي اليوم مزدهف يا من أحس بابني اللذين هما * قلبي وسمعي فقلبي اليوم مختطف من دل والهة حيرى مدلهة (76) * على صبيين ذلا إذ غدا السلف نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا * من إفكهم ومن الإثم الذي اقترفوا أحنى (77) على ودجي ابني مرهفة * مشحوذة وكذاك الإثم يقترف وقالت له امرأة من كنانة لما ذبحهما (كما في تاريخ ابن الأثير): يا هذا قتلت الرجال فعلى م تقتل هذين؟! والله ما كانوا يقتلون في الجاهلية والإسلام والله يا بن أبي أرطاة سلطانا لا يقوم إلا بقتل الصبي الصغير والشيخ الكبير ونزع الرحمة وعقوق الأرحام لسلطان السوء.
قال ابن الأثير: فلما سمع أمير المؤمنين بقتلهما جزع جزعا شديدا ودعا على