الناس يذكرون أن فراتنا يخرج من الجنة، فكيف هو وهو يقبل من المغرب وتصب فيه العيون والأودية؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام) وأنا أسمع: إن لله جنة خلقها في المغرب، وماء فراتكم يخرج منها، وإليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم عند كل مساء فتسقط على ثمارها وتأكل منها وتتنعم فيها وتتلاقى وتتعارف، فإذا طلع الفجر هاجت من الجنة فكانت في الهواء فيما بين السماء والأرض تطير ذاهبة وجائية، وتعهد حفرها إذا طلعت الشمس وتتلاقى في الهواء وتتعارف، قال: وإن لله نارا في المشرق خلقها ليسكنها أرواح الكفار ويأكلون من زقومها ويشربون من حميمها ليلهم، فإذا طلع الفجر هاجت إلى واد باليمن يقال له: برهوت، أشد من نيران الدنيا كانوا فيه يتلاقون ويتعارفون، وإذا كان المساء عادوا إلى النار، فهم كذلك إلى يوم القيامة، قال: قلت: ما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله) من المسلمين المذنبين الذين يموتون وليس لهم إمام ولا يعرفون ولايتكم؟ فقال: أما هؤلاء فإنهم في حفرتهم لا يخرجون منها، فمن كان له عمل صالح ولم يظهر منه عداوة فإنه يخد له خدا إلى الجنة التي خلقها في المغرب فيدخل عليه منها الروح في حفرته إلى يوم القيامة فيلقى الله فيحاسبه بحسناته وسيئاته فإما إلى الجنة أو إلى النار... ثم ساق الكلام (عليه السلام) إلى أن قال: فأما النصاب من أهل القبلة فإنهم يخد لهم خدا إلى النار التي خلقها الله في المشرق فيدخل عليهم منها اللهب والشرر والدخان وفورة الجحيم إلى يوم القيامة، ثم مصيرهم إلى الحميم، ثم في النار يسجرون " (1) والحديث طويل أخذنا منه قدر الحاجة.
وليت شعري ما الباعث له في الاستدلال على وجودهما الآن بهذا الخبر مع وجود الأخبار الكثيرة الصريحة الدلالة عليه؟
منها: ما في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا (عليه السلام) من الأخبار في التوحيد، في حديث طويل وفيه: " قال: قلت له: يا ابن رسول الله أخبرني عن الجنة والنار أهما مخلوقتان؟ فقال: نعم وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد دخل الجنة ورأى