ولا استوحش منه أحد شاهده، ولا تدود شئ من جسده، وهكذا يصنع الله عز وجل بجميع من يبتليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه، وإنما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره لجهلهم بماله عند ربه تعالى ذكره من التأييد والفرج " الحديث (1).
وروى علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن عبد الله بن بحر عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " قال إبليس: يا رب سلطني على بدنه، فسلطه على بدنه ما خلا عقله وعينيه، فنفخ فيه إبليس فصار قرحة واحدة من قرنه إلى قدمه، فبقي في ذلك دهرا طويلا يحمد الله ويشكره، حتى وقع في بدنه الدود، وكانت تخرج من بدنه فيردها ويقول لها: ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه، ونتن حتى أخرجوه (2) أهل القرية من القرية، وألقوه في مزبلة خارج القرية، وكانت امرأته رحيمة بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق صلوات الله عليهم تتصدق من الناس وتأتيه بما تجده، قال: فلما طال عليه البلاء، ورأى إبليس صبره، أتى أصحابا لأيوب كانوا رهبانا في الجبال، وقال لهم: مروا بنا إلى هذا العبد المبتلى فنسأله عن بليته، فركبوا بغالا شهباء وجاءوا، فلما دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه، فنظر بعضهم إلى بعض ثم مشوا إليه " الخبر (3).
أقول: الرواية الأولى هي المطابقة لما عليه إطباق المتكلمين من وجوب كون النبي منزها عن كل ما تنفر عنه الطباع كالجذام والبرص وسلس البول والريح وشبهها من الأمراض المنفرة كما صرحوا به في كتبهم الكلامية، وأما الثانية وهي المشهورة بين الجمهور حتى نقل مضمونها جامع قصص الأنبياء فيها مع شئ زائد، فهي مع كونها مخالفة لقواعدهم ومناقضة للأولى، ضعيفة بعبد الله بن بحر الكوفي كما صرح به الغضائري، حيث قال: عبد الله بن بحر كوفي، روى عن أبي بصير، ضعيف مرتفع القول (4). وكذلك الحسن بن علي بن فضال الكوفي فطحي،