أكثر مما يحدث منه على وجهه من سطوح البحار بل من كرة البخار، لأنهما وإن كانتا صقيلتين إلا أنهما للطافتهما لا تمنعان الأشعة من النفوذ، ولذا تنفذ فيهما إلى وجه الأرض، فكان الواجب أن تكون الأشعة المنعكسة منهما أخفى وأضعف من المنعكسة من سطح الربع المكشوف، فإن مناط الانعكاس وعدمه الكثافة واللطافة وإن كان لتفاوت مراتب الصقالة مع الكثافة دخل عظيم في تفاوت مراتب الانعكاس شده وضعفا، فتأمل.
قال المدقق الخفري في شرحه على التذكرة وفي منتهى الإدراك: إن الأجرام إما صغيرة نيرة مركوزة في جرم الشمس، أو في فلكها الخارج المركز بحيث تكون متوسطة دائما بين الشمس والقمر، وهي مانعة من وقوع شعاع الشمس على مواضع المحو من القمر (1).
قال البهائي في الحديقة: فيه نظر، فإن تلك الأجرام كانت صغيرة جدا، تلاقت الخطوط الخارجة من حولها إلى القمر بالقرب منها ولم يصل ظلها إليه، وإن كان لها مقدار يعتد به بحيث يصل ظلها إلى جرم القمر، فوصوله إلى سطح الأرض في بعض الأوقات كوقت الاستقبال أولى، فكان ينبغي أن يظهر إلى سطح الأرض كما يظهر ظل الغيم ونحوه، وليس فليس (2).
أقول: وفيه نظر، أما أولا: فلأنه ليست هناك في الحقيقة خطوط خارجة حتى يتصور تلاقيها أو لا تلاقيها بالقرب أو البعد، بل الجسم المستضئ إذا قابل جرم الشمس استعد لأن يفيض منه عليه ضوء مثله، فسموا حدوث الضوء فيما يقابله بخروج الضوء منه إليه مجازا، إذ الضوء على المشهور عرض قائم بالمحل، معد لحصول مثله في الجسم المقابل لمحله، فإذا كانت تلك الأجرام النيرة مركوزة في جرمها كانت مانعة من حدوث الضوء فيما يقابلها، ولما كان جرم القمر لصقالته وملاسته كالمرآة أكثر قبولا للظل والضوء من سطح الربع المكشوف لخشونته