فإن قلت: هل تجب عصمة نساء الأنبياء من الزنا فلا يجوز ذلك عليهن أم يجوز ولكنه لم يقع منهن؟
قلت: لو لم يجز لكان على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين قذفت زوجته أن يخبر بأنه لا يجوز عليها، ولكنه بقي أياما والناس يخوضون فيه إلى أن نزل الوحي ببراءتها، وكيف لا يجوز وقد قال الله تعالى: * (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة - إلى قوله - فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا وقرن في بيوتكن) * (1) الآيات؟ ولذلك لم يشترط أحد من العلماء عصمتهن عنه، ولكن اللائق بمنصب النبوة نزاهتهن عنه وسلامتهن منه، ولم يقع من واحدة منهن، فعن ابن عباس: ما زنت امرأة نبي قط (2).
وأما ما توهم من قوله تعالى: * (يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) * (3) أنه يدل على تلوث ذيلها وتدنس إزارها وقذارة ثيابها، ولذا نقل عن الحسن ومجاهد أنه ما كان ابنه على الحقيقة وإنما ولد على فراشه فقال: يا * (رب إن ابني من أهلي) * على ظاهر الحال فأعلمه تعالى بأن الأمر على خلاف الظاهر (4)، فهو فاسد يأباه * (ونادى نوح ابنه) * (5) مع أن الأنبياء يجب أن ينزهوا عن مثل هذه الحال لأنها تنفر وتشين، وقد نزه الله أنبياءه عما دون ذلك توقيرا لهم وتعظيما مما ينفر من القبول وخاصة على مذاهب أهل الحق، فالمراد أنه ليس على دينك، فكان كفره أخرجه أن يكون له أحكام أهله.
روى الحسن بن علي الوشاء " عن الرضا (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: قال أبي:
قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله عز وجل قال لنوح: * (إنه ليس من أهلك) * لأنه كان مخالفا له، وجعل من اتبعه من أهله، قال: وسألني كيف تقرؤون هذه الآية في ابن نوح؟ فقلت: يقرؤها الناس على وجهين: إنه عمل غير صالح، وإنه عمل غير