تظهر ظلال تلك الأجرام في سطحه دون سطحه.
وأما ثانيا: فلأنه على تقدير حمل خروج الخطوط على الحقيقة - بناء على ما زعم بعض أهل الحكمة: أن الضوء أجسام صغار تنفصل من المضئ وتتصل بالمستضيئ، فيكون المراد بالخطوط أجساما دقاقا لاستحالة الخط الجوهري - يجوز أن يكون تلك الخطوط الخارجة متوازية، فإذا خرجت من حولها إلى القمر لا يلزم تلاقيها، إذ الخطان المتوازيان هما اللذان إذا خرجا لا إلى نهاية لم يتلاقيا، تأمل.
وأما ثالثا: فلأن مواضع المحو من القمر مع أنها غير نيرة لا يظهر ظلالها على سطح الأرض، فعدم ظهور ظلال تلك الأجرام على سطحها مع أنها نيرة أولى.
وأما رابعا: فلأنه قال: تكون تلك الأجرام النيرة مانعة من وقوع شعاعها على مواضع محوه، ولا يلزم منه أن يكون لها ظل واصل إليها، بل الظاهر أن المراد أنها نيرة غير مظلة كسائر الكواكب، إلا أن أنوارها لما كانت مخالفة لنور الشمس وكان نور القمر مستفادا من خصوص نورها فما كان من مواضع محوه مقابلا لتلك الأجرام النيرة لم تستفد منها نورا أصلا، فبقيت على ما كانت عليه من الكمودة الأصلية والزرقة الذاتية.
وأما خامسا: فلما ثبت في الأبعاد والأجرام بالرصد والحساب: أن قطر الشمس ثمانية وثلاثون وخمسمائة وسبع عشر ألف فرسخ، وجرمها ست وعشرون وثلاثمائة مقابل لجرم الأرض، فيمكن أن تكون تلك الأجرام المركوزة فيها مانعة من وقوع شعاعها على مواضع محوه بأن يصل ظلها إليها ولا يصل إلى سطح الأرض لعدم تقابلهما، بل يقع خارجة عنه، لعظم حجمها واتساع جرمها وتباعد أطرافها وصغر حجم الأرض واتضاق جسمها وتقارب أطرافها، وعلى تقدير الوصول فيمكن أن يصل إلى البقاع والأصقاع الغير المعمورة الفاقدة المارة كالبحار والبرار التي لا يتفق أن يتردد إليها متردد، وعلى تقدير الاتفاق فيمكن أن يمنع من رؤيته مانع، ألا يرى أن المرآة إذا كانت كبيرة جدا وكان في موضع منها