نعم لو كان مرادهم بما لا يتم الحي حيا إلا به هو الأجزاء الأصلية لكان له وجه ما، لأن بعض هذه الأجزاء لو نقل إلى غيره أو خلق منه حي آخر: فإما أن لا يعاد أصلا فيلزم منه المطلوب وهو عدم إمكان إيصال الثواب إلى مستحقه، أو يعاد فيهما وهو محال، أو في أحدهما وحده فلا يكون الآخر بعينه معادا، وهذا مع إفضائه إلى ترجيح من غير مرجح يستلزم المطلوب وهو عدم إمكان إيصال الثواب إلى مستحقه وهو " الجملة بأجمعها ".
وفيه نظر، موقوف فهمه على تفسير الأجزاء الأصلية، فإن منهم من فسرها بالعظم والعصب والرباط، وبعضهم فسرها بما يكون لكل بدن قبل الأكل وفسر الفضيلة بما يحصل له بالغذاء. وعلى هذا فالأجزاء الأصلية في ابن آدم: إما عظامه وأعصابه ورباطاته، أو بدنه كله قبل أن يأكل ويحصل له به زيادة.
فنقول: قد عرفت أن مستحق الثواب هو النفس، ولا حاجة في إيصاله إليها إلى إعادة الأجزاء الأصلية بأجمعها، بل يكفي في ذلك آلة ما ولو كانت بقدر جزء لا يتجزى، لذلك قال الزمخشري في الكشاف (1) والطبرسي في جوامع الجامع (2):
يجوز أن يجمع الله من أجزاء الشهيد جملة فيحييها ويوصل إليه النعيم وإن كانت في حجم الذرة، هذا.
والحق في قصة حواء ما روي عن زرارة بن أعين أنه " قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن خلق حواء، وقيل له: إن أناسا عندنا يقولون: إن الله عز وجل خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى، فقال: سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، أيقول من يقول هذا: إن الله تبارك وتعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجة من غير ضلعه، ويجعل للمتكلم من أهل التشنيع سبيلا إلى الكلام أن يقول:
إن آدم كان ينكح بعضه بعضا إذا كانت لضلعه؟ ما لهؤلاء حكم الله بيننا وبينهم.
ثم قال (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى لما خلق آدم من طين، وأمر الملائكة