هو أفضل من سائر الأنبياء ما خلا نبينا صلوات الله عليهم من غير تفصيل أم هو أفضل من بعضهم دون بعض؟ وما الحجة في تفضيله عليهم؟ وهل يكون حكم باقي الأئمة من ولده هذا الحكم أم هذا أمر مختص به صلوات الله عليه؟ -: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أفضل من سائر الأنبياء غير النبي (صلى الله عليه وآله)، ودليله قوله تعالى: * (وأنفسنا وأنفسكم) * أجمع المفسرون على أن المراد بالنفس هنا علي (عليه السلام)، والاتحاد محال، فلم يبق إلا المساواة، ومساوي الأفضل أفضل قطعا.
وظاهر أنه في ذلك سلك مسلك أبيه من دون تأمل ولا تدبر لحسن ظنه به.
نعم نقل عن شيخنا الشهيد (قدس سره) أنه قال: أولوا العزم من الرسل خمسة، وقيل:
ستة، والحق الأول، وهم أفضل من سائر النبيين والمرسلين، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم، ولا شك أن محمدا أفضل من سائرهم بلا خلاف، وأما علي بن أبي طالب (عليه السلام) فلا شك أنه أفضل من سائر الأنبياء والمرسلين ما عدا الخمسة، وقال بعض العلماء بتفضيله عليهم ما عدا محمد (صلى الله عليه وآله) لأنه مساو له، لقوله: * (وأنفسنا وأنفسكم) * وكان محمد أفضل منهم، ومتساوي الأفضل أفضل. إلى هنا كلامه طاب منامه.
ولا يخفى أن استثناءه الخمسة، ثم نسبته القول بتفضيله عليهم إلى بعض العلماء، وظاهر أنه أراد به الفاضلين، صريح في أنه لا يقول بذلك ولا يرضى بهذا الدليل، وأنه ليس مما اتفقت به الشيعة كما هو ظاهر كلام العلامة (قدس سره).
وبالجملة: لا يسوغ القول بأن عليا أو واحدا من الأئمة سلام الله عليهم صار مثله ومساويا له (صلى الله عليه وآله) في وقت ثم بقي ذلك المساوي ولو في آن بعده، فإن بقاءه فيه مصدقا بالله وبصفاته العليا وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر إلى غير ذلك، ونفسه ونومه فيه تسبيح وعبادة يستحق به الثواب، لأن نفس العالم تسبيح ونومه عبادة، ويلزم منه ما تقدم، واللازم باطل فالملزوم مثله، وبدون المساواة في الفضيلة لا يتم التقريب وهو كونه (عليه السلام) أفضل من سائر الأنبياء والمرسلين لكونه مساويا للأفضل منهم وهو خاتم النبيين صلوات الله عليهم أجمعين.