حكمه في هذه القضية كذا، والحكم إنشاء إطلاق كإطلاق مسجون - مثلا - لعدم الحق عليه، أو إلزام في المسائل الاجتهادية وغيرها مع تقارب المدارك منها مما يتنازع فيه الخصمان لمصالح المعاش، وغالب الأحكام إلزام، فبالإنشاء تخرج الفتوى لأنها إخبار.
وبتقارب المدارك في مسائل الاجتهاد يخرج ما يضعف مدركه جدا كالعول والتعصيب، وقتل المسلم بالكافر، فإنه لو حكم به حاكم وجب نقضه، وبمصالح المعاش تخرج العبادات فإنه لا مدخل للحكم فيها، فلو حكم به حاكم بصحة صلاة زيد - مثلا - يلزم صحتها، بل إن كانت صحيحة في نفس الأمر فذاك وإلا فهي فاسدة، وكذا الحكم بأن مال التجارة لا زكاة فيها، وأن الميراث لا خمس فيه، فإن الحكم فيه لا يرفع الخلاف، بل لحاكم غيره أن يخالفه في ذلك.
نعم لو اتصل بها أخذ الحاكم ممن حكم عليه بالوجوب - مثلا - لم يجز نقضه، فالحكم المجرد عن اتصال الأخذ إخبار كالفتوى، وأخذه للفقراء حكم باستحقاقهم، فلا ينقض إذا كان في محل الاجتهاد، هذا.
ولعل المراد بالمعاينة غلبة ظنه بأن الحكم الفلاني يستنبط منه بعد استعماله شرائط الاستنباط كأنه يعاينه، لا القطع واليقين، فإن ذلك مشكل في كثير من الأحكام.
وكذا المراد بمعرفة الأحكام في قولهم (عليهم السلام): " انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا، فاجعلوه بينكم حاكما " (1) هو غلبة ظنه بأن تلك الأحكام تستنبط من أخبارهم وآثارهم لا العلم واليقين بذلك.
فإن الاستنباط هو الاستخراج بالاجتهاد المشار إليه بقوله تعالى: * (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * (2) لا يفيد الجزم، وفي كثير من الأخبار دلالة على جواز