" قال: لا كذب على المصلح، ثم تلا الآيتين المذكورتين " (1).
وعن الحسن الصيقل " قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا روينا عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول يوسف (عليه السلام): * (أيتها العير إنكم لسارقون) * فقال: والله ما كذب وما سرقوا، وقول إبراهيم (عليه السلام): * (بل فعله كبيرهم هذا) * فقال: والله ما فعل وما كذب، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما عندكم فيها يا صيقل؟ قلت: ما عندنا إلا التسليم، فقال: إن الله أحب اثنين وأبغض اثنين: أحب الخطر فيما بين الصفين، وأحب الكذب في الإصلاح، وأبغض الخطر في الطرقات، وأبغض الكذب في غير الاصلاح، إن إبراهيم (عليه السلام) إنما قال: * (بل فعله كبيرهم هذا) * إرادة الاصلاح ودلالة على أنهم لا يفعلون، وقال يوسف (عليه السلام) إرادة الإصلاح " (2).
والظاهر أن المراد أن الفعل إذا اشتمل على وجه مصلحة ووجه مفسدة وكان وجه المصلحة أقوى وجب لقضاء العقل، بأن ترك الخير الكثير لأجل شر يسير لشر كثير وفعله خير كثير، فالكذب في الصورة المذكورة باق على قبحه، إلا أن في ارتكابه ارتكاب أقل القبيحين.
ويمكن أن يقال: صدور ذلك عنهما كان على طريقة التعريض، كما يدل عليه ما في رواية عن الصادق (عليه السلام) أنه " قال: إنما قال إبراهيم (عليه السلام) * (فاسألوهم إن كانوا ينطقون) * إن نطقوا فكبيرهم فعل، وإن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئا، فما نطقوا وما كذب إبراهيم " (3) وقوله: * (أيتها العير إنكم لسارقون) * قال: " إنما عنى سرقتهم يوسف من أبيه " (4) وعلى هذا فلا إشكال.
واعلم أن حديث أبي ذر مذكور في الطريقين، ففي معاني الأخبار عن أنس بن مالك " قال: أتى أبو ذر يوما إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: ما رأيت كما رأيت البارحة، قالوا: وما رأيت البارحة؟ قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ببابه، فخرج ليلا فأخذ بيد علي بن أبي طالب وخرجا إلى البقيع، فما زلت أقفو أثرهما