في الماء النجس يمكن القول بعدم قبوله التطهير بالماء. وفيه أيضا نظر، لأنه قد ثبت أن اللحم إذا وقع في مرقه ما يقتضي التنجيس يطهر بالماء مع سريان أجزاء الماء النجاسة فيه، فكذا الصابون.
وروى السكوني عن الصادق (عليه السلام): " أن عليا (عليه السلام) سئل عن قدر طبخت وإذا في القدر فأرة، قال: يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل " (1).
وفي رواية زكريا بن آدم " قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيها لحم كثير ومرق، قال: يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلاب، واللحم اغسله وكله " (2).
وهاتان الروايتان وإن كانتا ضعيفتين إلا أنهما سالمتان عن المعارض، معمولتان عندهم، مشهورتان بينهم، مؤيدتان بالطهارة بل الإباحة الأصليتين بل الاستصحاب.
قال الشيخ أبو جعفر الطوسي (رحمه الله) في كتابه المسمى بالعدة: إذا كان الراوي مخالفا في الاعتقاد لأصل المذهب، وروى مع ذلك عن الأئمة (عليهم السلام)، نظر فيما يرويه، فإن كان هناك بالطريق الموثوق بهم ما يخالفه وجب اطراح خبره، وإن لم يكن هناك ما يوجب اطراح خبره ويكون هناك ما يوافقه وجب العمل به، وإن لم يكن هناك من الفرقة المحقة خبر يوافق ذلك ولا يخالفه ولا يعرف لهم قول فيه وجب أيضا العمل به، لما روي عن الصادق (عليه السلام) أنه " قال: إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما رووا عنا فانظروا إلى ما رووه عن علي (عليه السلام) فاعملوا به ".
ثم قال (رحمه الله): ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث، وغياث بن كلوب، ونوح بن دراج، والسكوني وغيرهم من العامة عن أئمتنا ولم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه (3)... إلى آخر ما قاله (رحمه الله)، فليطلب من هناك.