والاستفساد والاشتباه، وإذا كان محتملا لم يجز حمله على أحد محتملاته إلا بدلالة، ولا دلالة، فحامله على الرضى بغير حجة كحامله على الرجاء أو الخوف، بل هو أعذر، لكون المعقود له ممن يرجى نفعه ويخاف ضرره، لقوة سلطانه وانبساط يده.
وبعد، فلو كان دلالة الرضى لم تكن فيه حجة، لأن تقلد أبي بكر الأمر أمر منفصل عن (1) رضى الإمامة به، فيصح أن يكون مخطئا في توليه الأمر، ويكون الممسك عن الإنكار عنه مخطئا، لإخلاله بالواجب عليه من الإنكار، ولا يكون ذلك إجماعا على الخطأ، لتغاير الفعلين المختلفين، إذ كان الدليل المانع من اتفاق الأمة على الخطأ مختصا بفعل واحد، لحصول العلم بخطأ كل فرقة من الأمة في مسألة ما ومسائل.
وعلى هذا التحرير لو سلم للقوم جميع ما يظنونه دليلا على إمامة أبي بكر لم ينفعهم، لخروجه عن كونه إجماعا.
وأما ولاية عمر، ففرع لإمامة أبي بكر، فإذا كانت فاسدة لما دللنا عليه لحقت بها في الفساد باتفاق.
وأيضا فعلوم حصولها بنص أبي بكر، وأنه كتب له الصحيفة بالعهد، وأخذ الناس بالرضى بها شاءوا أم أبوا، من غير إعلام بما فيها، وإنكار طلحة وجماعة من المسلمين عليه، ومضيه على رأيه، وإطراح نكيرهم، وهذا بغير شبهة مناف لما يعتبرونه من صفة الاختيار والمختارين.
وأما ولاية عثمان، فمبنية على ولاية الرجلين، فإذا كانت باطلة لحقت بها في البطلان بإجماع.
وأيضا فهي فرع لصحة الشورى ووقوع العقد فيها على المشروع، وسنبين فسادها وما اشتملت عليه من قبيح الأفعال، ومنافاتها لشريعة الإسلام على مذهب القائلين بالنص والاختيار، فاقتضى ذلك فسادها بغير ارتياب.
وبعد، فهي معلقة باختيار عبد الرحمن بن عوف خاصة، وليس بحجة في الملة، وإن جعله عمر عيارا على القوم، لكونه أيضا غير حجة عند مدعي إمامته، ولأنه رغب