وأي شبهة تبقى على ملتفت (1) متأمل منصف في ضلال سيرة الرجلين وخلافهما للشرع، وهو يرى عليا عليه السلام يرغب عن ولاية الإمام وفيها (2) ما فيها دينا ودنيا، ولا يسير بها فيهم، بمحضر من أهل الشورى ووجوه المهاجرين والأنصار وأخلاط الناس؟! ولا يقول له أحد منهم: وأكثرهم أولياء القوم - وهل سيرتهما إلا على الكتاب والسنة فلم تأباها؟! ولا يقول لعبد الرحمن: الموافقة للكتاب والسنة، ولا يقول له عبد الرحمن: هذا ما دعوتك إليه فنبايعه لإجابته إياه إلى ما اشترط عليه، ولا يرغب عن بيعته إلى بيعة عثمان.
وأي ريب يبقى في تدين علي عليه السلام بضلال القوم وقبيح سيرتهما، وهو يرغب عن التمكين من معظم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتنفيذ الأحكام بولاية الأمر ولا بسيرتهما؟!
وأي شك يدخل على عارف بالاجتهاد، وما يجب كون الإمام عليه عند مثبتيه في فساد إمامة عثمان وهو يراه مبايعا على تقليد الرجلين، وفساد إمامته إن كان عاميا، وكونه فاسقا لا تجوز إمامته إن كان من أهل الاجتهاد؟!
وليس لأحد أن يقول: كيف تصح لكم هذه الدعوى وأنتم تعلمون مذاهب خصومكم في عدد العاقدين، ففيهم من يقول: واحد، وفيهم من يقول: اثنان، أو ثلاثة، أو أربعة، أو خمسة يعقدون لواحد؟
لأنه لا تنافي بين ما قلناه وبين هذه المذاهب، من حيث كان كل منهم لا يعتبر صحة العقد بهذا العدد خاصة، وإنما توقف ولايته عليه، ويعتبر تسليم باقي العلماء ورضاهم بالعقد وإمساك الباقين من الأمة الدال عنده على الرضى إن فقدت المبايعة.
وكيف يشتبه على متأمل أن أحدا من علماء الأمة يدين بصحة الإمامة بعقد بعض الأمة، مع فقد دعوى من أحد من أهلها، لكون الحجة ثابتة في شئ يفعل بعضها بل