والسائبة: البعير يدرك نتاج نتاجه، فيسيب، أي يترك ولا يركب ولا يحمل عليه. السائبة التي في القرآن العزيز في قوله تعالى: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة (1). الناقة التي كانت تسيب في الجاهلية لنذر ونحوه كذا في الصحاح. أو أنها هي أم البحيرة كانت الناقة إذا ولدت عشرة أبطن كلهن إناث سيبت فلم تركب ولم يشرب لبنها إلا ولدها أو الضيف حتى تموت، فإذا ماتت أكلها الرجال والنساء جميعا، وبحرت أذن بنتها الأخيرة فتسمى البحيرة، وهي بمنزلة أمها في أنها سائبة، والجمع سيب مثل نائمة (2) ونوم، ونائحة ونوح.
أو السائبة - على ما قال ابن الأثير: كان الرجل إذا قدم من سفر بعيد أو برئ من علة (3)، أو نجت وفي لسان العرب نجته دابته من مشقة أو حرب قال: هي أي ناقتي سائبة أي تسيب، فلا ينتفع بظهرها، ولا تحلاء عن ماء، ولا تمنع من كلإ، ولا تركب. أو كان ينزع من ظهرها فقارة أو عظما فتعرف بذلك وكانت لا تمنع عن ماء ولا كلإ ولا تركب ولا تحلب، فأغير على رجل من العرب فلم يجد دابة يركبها فركب سائبة، فقيل: أتركب حراما؟ فقال: يركب الحرام من لا حلال له فذهبت مثلا. وفي الحديث: رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار وكان أول من سيب السوائب. وهي التي نهى الله عنها بقوله: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة.
فالسائبة: بنت (4) البحيرة. والسائبتان: بدنتان أهداهما النبي صلى الله عليه وسلم إلى البيت، فأخذهما واحد (5) من المشركين فذهب بهما، سماهما سائبتين؛ لأنه سيبهما لله تعالى. وقد جاء في الحديث عرضت علي النار فرأيت صاحب السائبتين يدفع بعصا.
* ومما بقي على المؤلف من المجاز: ساب الرجل في منطقه إذا ذهب فيه بكل مذهب. وعبارة الأساس: أفاض فيه بغير (6) روية، وفي حديث عبد الرحمن بن عوف أن الحيلة بالمنطق أبلغ من السيوب في الكلم. السيوب: ما سيب وخلي. [فساب، أي ذهب] (7) ساب في الكلام: خاض فيه بهذر. أي التلطف والتقلل منه أبلغ من الإكثار، كذا في لسان العرب.
والسياب كسحاب ويشدد مع الفتح. والسياب كرمان إذا فتح خفف، وإذا شددته ضممته - ووهم شيخنا في الاقتصار على الفتح -: البلح أو البسر الأخضر، قاله أبو حنيفة، واحدته سيابة وسيابة، وبها سمي الرجل. قال أحيحة: أقسمت لا أعطيك في كعب ومقتله سيابه.
وقال أبو زبيد:
أيام تجلو لنا عن بارد رتل (8) * تخال نكهتها بالليل سيابا أراد نكهة سياب.
وعن الأصمعي: إذا تعقد الطلع حتى يصير بلحا فهو السياب مخفف واحدته سيابة. وقال شمر: هو السداء (9) ممدود بلغة أهل المدينة، وهي السيابة بلغة وادي القرى. وأنشد للبيد:
سيابة ما بها عيب ولا أثر قال: وسمعت البحرانيين تقول: سياب وسيابة. وفي حديث أسيد بن حضير: لو سألتنا سيابة ما أعطيناكها هي مخففة (10).
وسيابة كسحابة: الخمر. وسيبان بن الغوث بن سعد بن عوف ابن عدي بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة، وهو حمير الأصغر، وهو بالفتح والكسر قليل: أبو قبيلة من حمير. منها (*) أبو العجماء كذا في النسخ، وصوابه أبو