واستغرب عليه الضحك كذلك. وفي الحديث أنه ضحك حتى استغرب. أي بالغ فيه. يقال: أغرب في ضحكه واستغرب، وكأنه من الغرب وهو البعد. وقيل: هو القهقهة. وفي حديث الحسن إذا استغرب الرجل ضحكا في الصلاة أعاد الصلاة وقال وهو مذهب أبي حنيفة ويزيد عليه إعادة الوضوء. وفي دعاء أبي (1) هبيرة: أعوذ بك من كل شيطان مستغرب وكل نبطي مستعرب. قال الحربي: أظنه الذي جاوز القدر في الخبث، كأنه من الاستغراب في الضحك، ويجوز أن يكون بمعنى المتناهي في الحدة، من الغرب وهي الحدة. قال الشاعر:
فما يغربون الضحك إلا تبسما * ولا ينسبون القول إلا تخافيا (2) وعن شمر: يقال: أغرب الرجل إذا ضحك حتى تبدو غروب أسنانه، كذا في لسان العرب، وبعضه من المحكم والتهذيب والأساس.
والعنقاء المغرب بالضم أي بضم الميم وعنقاء مغرب بغير الهاء فيهما وعنقاء مغربة بالهاء وعنقاء معرب، مضافة عن أبي علي: طائر معروف الاسم لا الجسم وفي الصحاح مجهول الاسم. وقال أبو حاتم في كتاب الطير: وأما العنقاء المغربة فالداهية وليست من الطير فيما علمنا، وقال الشاعر:
ولولا سليمان الخليفة حلقت * به من يد الحجاج عنقاء مغرب (3) أو هو طائر عظيم يبعد في طيرانه. يقال: هو العقاب، وقيل: ليس به، لا ترى إلا في الدهور، وقال: الزجاج: لم يره أحد، وقيل في قوله تعالى: (طيرا أبابيل) (4) هي عنقاء مغربة. وقال ابن الكلبي: كان لأهل الرس نبي يقال له حنظلة بن صفوان، وكان بأرضه جبل يقال له دمخ، مصعده في السماء ميل، فكان ينتابه (5) طائر كأعظم ما يكون، له عنق طويل كأحسن ما يكون، فيه من كل لون، وكانت تقع منقضة على الطير فتأكلها فجاعت وانقضت على صبي فذهبت به، فسميت عنقاء مغربا؛ لأنها تغرب بكل ما أخذته، ثم انقضت على جارية ترعرعت فضمتها إلى جناحين لها صغيرين، ثم طارت بها فشكوا ذلك إلى نبيهم فدعا عليها، فسلط الله عليها آفة فهلكت، فضربت بها العرب مثلا في أشعارها. أو هو من الألفاظ الدالة على غير معنى، وقال ابن دريد: كلمة لا أصل لها. وقال غيره: لم يبق في أيدي الناس من صفتها غير اسمها، في الحديث: طارت به عنقاء مغرب أي ذهبت به الداهية، وسيأتي ذلك للمصنف بعينه في " ع ن ق ". وقال أبو مالك: العنقاء المغرب: رأس الأكمة في أعلى الجبل الطويل، وأنكر أن تكون طائرا وأنشد:
وقالوا الفتى ابن الأشعرية حلقت * به المغرب العنقاء إن لم يسدد ومنه قالوا: طارت به العنقاء المغرب. قال الأزهري: حذفت هاء التأنيث (6) منها، كما قالوا: لحية ناصل [وأغرب الدابة] (7) إذا اشتد بياضه (*). في التهذيب: والعنقاء المغرب قال: هكذا جاء عن العرب بغير هاء وهي التي أغربت في البلاد فنأت أي بعدت فلم تحس ولم تر، مبنيا للمجهول فيهما.
والتغريب: أن يأتي ببنين بيض وبنين سود فهو ضد. قال شيخنا: هذا تعقبوه، وقالوا: لا ضدية فيه فإن التغريب هو الإتيان بالنوعين جميعا، والإتيان بكل واحد من النوعين على انفراده لا يسمى تغريبا حتى يكون من الأضداد: كما أشار إليه سعدي جلبي، انتهى.
والتغريب: أن تجمع الغراب؛ وهو الثلج والصقيع فتأكله.
والتغريب في الأرض: الإمعان، وقد تقدم، وغربه إذا