قال شيخنا: ورجح عياض في الشفاء وغيره من أهل الغريب على الحقيقة (1)، وأيده بأن الدارقطني رواه المغرب بزيادة. الميم، وهو لا يحتمل غيره، وفيه كلام في شروح الشفاء.
والغرب: يوم السقي. نقله الأزهري عن الليث قال:
* في يوم غرب وماء البئر مشترك * وأراد بقوله في يوم غرب أي في يوم يستقى به على السانية، قال: ومنه قول لبيد:
فصرفت قصرا والشؤون كأنها * غرب تحب (2) به القلوص هزيم وفسره الليث بالدلو الكبيرة، وقد تقدم.
والغرب: الفرس الكثير الجري قال لبيد:
غرب المصبة (3) محمود مصارعه * لاهي النهار لسير الليل محتقر أراد بقوله: غرب المصبة (3) أنه جواد واسع الخير والعطاء. عند المصبة (3)، أي عند إعطاء المال يكثره كما يصب الماء:
ويقال: فرس غرب، أي مترام بنفسه متتابع في حفره، لا ينزع حتى يبعد بفارسه.
والغربان: مقدم العين ومؤخرها، وللعين غربان.
والغرب: النوى والبعد، كالغربة، بالفتح. ونوى غربة: بعيدة. وغربة النوى بعدها. قال الشاعر:
وشط ولي النوى إن النوى قذف * تياحة غربة بالدار أحيانا (4) والنوى: المكان الذي تنوي أن تأتيه في سفرك. ودارهم غربة: نائية.
وقد تغرب. قال ساعدة بن جؤية يصف سحابا:
ثم انتهى بصري وأصبح جالسا * منه لنجد طائق متغرب وقيل: متغرب هنا: أتى من قبل المغرب (5).
فظهر بما ذكرنا أن المؤلف ذكر للغرب أربعة وعشرين معنى؛ وهو: المغرب، والذهاب، والتنحي، وأول الشيء، وحده، والحدة والنشاط، والتمادي، والراوية، والدلو، والعرق، والدمع، ومسيله وانهماله (6)، والفيضة، والبثرة، والورم، وكثرة الريق، والبلل، والمنقع، والشجرة، ويوم السقي، والفرس، ومقدم العين، والنوى. اقتصر منها في الأساس على التسعة، والبقية في المحكم والتهذيب والنهاية.
ومما يستدرك على المؤلف من معانيه:
الغرب: السيف القاطع الحديد. قال:
* غربا سريعا في العظام الخرس * والغرب: اللسان الذليق الحديد، والغرب: الشوكة. يقال: فل غربهم وكسر غربهم، أي شوكتهم، كما تقدم، وهو مجاز. قال شيخنا في آخر المادة: وبقي غروب الأسنان وهي حدتها وماؤها، واحدها غرب، وقد أطلقت بمعنى الأسنان، كما في حديث النابغة الجعدي. قال الراوي:
" ولا تولت برق غروبه " أي تبرق أسنانه من برف البرق إذا تلألأ. والغروب: الأسنان، وكنت تركت نقله لشهرته في دواوين الغريب فوقف بعض الأصحاب على كتابنا العيون السلسلة في الأسانيد المسلسلة فأنكر الغروب بمعنى الأسنان، واستدل بأنها ليست في القاموس، فقلت في العيون: الغروب: الأسنان، كما في الصحاح وغيره، وأغفله المجد في قاموسه تقصيرا على عادته، إلى آخر ما قال.