ونقل الرماني 1 جواز ذلك في المثبت، والسماع لم يثبت إلا في المنفي، ولا منع أن يستعمل ذلك فيما يفيد النفي، وإن لم يكن صريحا فيه، نحو: قلما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل....، قوله: (ولك أن تقول... إلى آخره)، يعني أن لك في مثل هذا المثال المضبوط بالضوابط المذكورة وجها أخصر من الأول، وهو أن تحذف المفضول المجرور بمن، وحرف الجر الداخل على الاسم الذي ذكرنا أنه غير الأول، فتقول بدل قولك: منه في عين زيد، من عين زيد، وهو على حذف المضاف أي من كحل عين زيد، لأنه يفضل الكحل على الكحل لا الكحل على العين، ومن التفضيلية تدخل على المفضول، قوله: (وإن قدمت ذكر العين... إلى آخره)، أي: لك عبارة ثالثة أخصر من الثانية، وهي أن تقدم الاسم الذي قلنا إنه غير الأول، على أفعل التفضيل داخلا عليه آلة التشبيه، وتحذف ما بعد السبب المرفوع من المفضول وغيره فتقول: ما رأيت كعين زيد، أحسن فيها الكحل، وجازت هذه المسألة وإن لم يكن فيها فصل ظاهر لو رفعت أفعل بالابتداء، لأنها فرع الأولى، ولأن (من) التفضيلية مع مجرورها مقدرة ههنا أيضا، بعد السبب المرفوع، وقولك: أحسن، في هذه العبارة، بدل من قولك كعين زيد، أي عينا أحسن فيها الكحل، وذلك أن معنى، ما رأيت كعين زيد: أي عينا كعين زيد، ولا زائدة عليها، ومعنى ما رأيت أحسن منها، أي أحسن منها ولا مثلها، فحذف المعطوف، في الموضعين، اعتمادا على وضوح المعنى، فقولك: ما رأيت كعين زيد، أي رأيت كل عين أنقص من عين زيد، وقولك ما رأيت أحسن من عين زيد: أي رأيت كل عين أنقص من عين زيد في الحسن، فهذا بدل الكل من الكل، أتى به للبيان، لأن الأول مبهم، لأنك ذكرت أن العيون أنقص من عين زيد، ولم تذكر أن النقصان، في أي شئ، ولا يجوز أن يكون: أحسن فيها الكحل، صفة لقولك: كعين زيد، لأنه يكون في المعنى،
(٤٦٩)