من تركيبه بمعناه حتى يعمل عمل ذلك الفعل، كما كان لاسم الفاعل، واسم المفعول والصفة المشبهة والمصدر، وأحسن ههنا، بمعنى حسن، إذ المعنى: ما رأيت رجلا حسن في عينه الكحل حسنا مثل حسنه في عين زيد، فعمل أفعل، لأن له في هذا المكان فعلا بمعناه، قلت: هذه العلة التي أوردها تطرد في جميع أفعل التفضيل، فيلزمه، اذن، جواز رفعه للظاهر مطردا، وذلك لأن معنى مررت برجل أحسن منه أبوه، أي: حسن أبوه أكثر من حسنه، كما أن معنى: أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد: حسن الكحل في عينه مثل حسنه في عين زيد، قوله: (مع أنهم لو رفعوا... إلى آخره)، هذا تعليل سيبويه، وهو أن (أفعل) إنما عمل ههنا مع ضعف مشابهته لاسم الفاعل، للاضطرار إلى العمل، لأنه لو لم يعمل، لزم رفعه بالابتداء، ويكون الكحل مبتدأ، كما في قولك مررت برجل أحسن منه أبوه، برفع أحسن والجملة صفة لرجل، ولا يجوز ذلك، لأن قولك: منه، بعد الكحل، متعلق بأحسن، فتكون قد فصلت بين العامل الضعيف ومعموله بأجنبي، ولا يجوز ذلك، بلى، قد يجوز ذلك، في العامل القوي، نحو: زيدا كان عمرو ضاربا، وأعني ههنا بالأجنبي ما لا يكون من جملة معمولات ذلك العامل، لا الذي لا تعلق له بذلك العامل بوجه، كيف، والكحل مبتدأ، وأحسن خبره فله تعلق به من هذا الوجه، وعند الكسائي والفراء: ليس الفصل ههنا بأجنبي، لأن المبتدأ معمول عندهما للخبر، كما ذكرنا في أول الكتاب، 1 فإن قلت: قدم منه على الكحل حتى لا يلزم الفصل بين العامل والمعمول عند سيبويه بأجنبي، قلت: يبقى الضمير في منه، راجعا إلى غير مذكور، وتعليل سيبويه يطرد مع كون الكلام مثبتا، أيضا، نحو: مررت برجل أحسن في عينه الكحلي منه في عين زيد،
(٤٦٨)