شرح الرضي على الكافية - رضي الدين الأستراباذي - ج ٣ - الصفحة ٣٦١
لم يجز الا التثنية عند الكوفيين، وهو الحق، كما يجيئ، تقول قلعت عينيهما إذا قلعت من كل واحد عينيه، وأما قوله تعالى: (فاقطعوا أيديهما) 1 فإنه أراد أيمانهما، بالخبر والاجماع 2، وفي قراءة ابن مسعود: (فاقطعوا أيمانهما)، وانما اختير الجمع على الافراد لمناسبته للتثنية في أنه ضم مفرد إلى شئ آخر، ولذلك قال بعض الأصوليين: إن المثنى جمع، ولم يفرق سيبويه بين أن يكون متحدا في كل واحد منهما، نحو: قلوبكما، أولا يكون نحو: أيديكما، استدلالا بقوله تعالى: (فاقطعوا أيديهما)، والحق، كما هو مذهب الكوفيين، أن الجمع في مثله لا يجوز الا مع قرينة ظاهرة كما في الآية، وقد جمع بين اللغتين من قال:
558 - ظهراهما مثل ظهور الترسين 3 فان فرق المتضمنان بالعطف، اختير الافراد على التثنية والجمع، نحو: نفس زيد وعمرو، ليكون ظاهر المضاف موافقا لظاهر المضاف إليه، وان لم يكن المضاف جزأي المضاف إليه، بل كانا منفصلين، فان لم يؤمن اللبس نحو:
لقيت غلامي الزيدين، فتثنية المضاف واجبة، وإن أمن، جاز جمعه قياسا، وفاقا للفراء ويونس، خلافا لغيرهما، فإنهم يجوزونه سماعا، نحو: ضع رحالهما، وانما أمن اللبس لأنه لا يكون للبعيرين إلا رحلان، والضمير الراجع إلى كل ما ذكرنا مما لفظه يخالف معناه، يجوز فيه مراعاة اللفظ والمعنى، نحو: نفوسكما أعجبتاني وأعجبتني، وكذا الوصف والإشارة، ونحو ذلك،

(1) من الآية 38 في سورة المائدة (2) يعني بالخبر، السنة، وما جاء في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، (3) ضمير المثنى في: ظهراهما يعود إلى المهمهين اللذين يتحدث عنهما، والترس من الآت الحرب، والرجز لخطام المجاشعي وقبله: ومهمهين قذفين مرتين، والمهمة القذف البعيد، والمرت بسكون الراء: الذي لا ماء فيه،
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 365 366 367 ... » »»
الفهرست