هذا هو المعلوم من استقراء كلامهم، وأما النكرة المستغرقة، نحو: ما لقيت رجلا، أو رجلين أو رجالا، فلا يستثنى من واحدها ومثناها ومجموعها إلا أمثالها، فقولك: ما لقيت رجلا إلا الزيدين، أي إلا كل واحد منهما، ويجوز أن تقول: لا يرفع هذا الحجر رجل إلا الزيدين معا، وتقول:
ما لقيت أخوين متصافيين إلا الزيدين، وإلا بني فلان أي إلا اثنين منهم، ولا يجوز إلا زيدا، وتقول: ما لقيت رجالا إلا الزيدين، ولا يجوز: إلا أخويك، ولا: إلا زيدا، إلا على الانقطاع، لأن المعنى: ما لقيت جماعة من الرجال، وإن كان هناك قرينة دالة على أنه ليس المراد به الاستغراق، فإن كان هناك عهد، فاللام عهدية للتعريف، على ما يجيئ في بابه، وإن لم يكن، فإنه كان فيه علامة الوحدة أو التثنية نحو: ما أعطيك إلا التمرة أو التمرتين، فلا فرق، إذن، بين المعرف والمنكر معنى، فكأنك قلت: ما أعطيك إلا تمرة أو تمرتين، وإن لم يكن فيه علامتاهما، نحو:
اشتريت التمر، ولقيت الرجال، فالفرق بين ذي اللام والمجرد: أن المجرد، لأجل التنوين الذي فيه للتنكير، يفيد أن ذلك الاسم بعض من جملة، فمعنى اشتريت تمرا، ولقيت رجالا: شيئا من التمر، وجماعة من الرجال، بخلاف المعرف باللام، فإن المراد به: الماهية مجردة عن البعضية، لكن البعضية مستفادة من القرينة كالشراء، واللقاء، فكأنك قلت: لقيت هذا الجنس واشتريت هذا الجنس، فهو كعام مخصوص بالقرينة، فالمجرد، وذو اللام، إذن، بالنظر إلى القرينة، بمعنى وبالنظر إلى أنفسهما مختلفان، فمن ثمة جاز وصف المعرف باللام من هذا النوع، بالمنكر نحو قوله:
ولقد أمر على اللئيم يسبني - 56 1 وكذا: مررت بالرجل مثلك، وما يحسن بالرجل خير منك، كما مر في باب الوصف، فعلى هذا، كل تعريف، لا معنى للتعريف فيها إلا التي للمعهود الخارجي،