معا، ومعنى تنكير الشئ: شياعه في أمته، وكونه بعضا من جملة، إلا في غير الموجب، نحو: ما جاءني رجل، فإنه لاستغراق الجنس، فكل اسم دخله اللام، لا يكون فيه علامة كونه بعضا من كل، إذ تلك العلامة هي التنوين، وهو لا يجامع اللام، كما مر في أول الكتاب، فينظر في ذلك الاسم، فإن لم يكن معه قرينة، لا حالية ولا مقالية دالة على أنه بعض مجهول من كل، كقرينة الشراء الدالة على أن المشترى بعض، في قولك: اشتر اللحم، ولا دالة على أنه بعض معين، كما في قوله تعالى: (أو أحد على النار هدى) 1، فهي اللام التي جيئ بها للتعريف اللفظي، والاسم المحلى بها لاستغراق الجنس، سواء كان مع علامة الوحدة، كالضربة، أو مع علامة التثنية أو الجمع، كالضربتين، والعلماء، أو تجرد عن جميع تلك العلامات، كالضرب، والماء، وإنما وجب حمله على الاستغراق لأنه إذا ثبت كون اللفظ دالا على ماهية خارجة فإما أن يكون لجميع أفرادها أو لبعضها، ولا واسطة بينهما في الوجود الخارجي، وإن كان يمكن تصورها في الذهن خالية عن الكلية والبعضية، لكن كلامنا في المشخصات الخارجية، لأن الألفاظ موضوعة بإزائها، لا في الذهنية، فإذا لم يكن للبعضية، لعدم دليلها أي التنوين، وجب كونه للكل، فعلى هذا، قوله صلى الله عليه وسلم: (الماء طاهر)، أي كل الماء، و: النوم حدث، أي كل النوم، إذ ليست في الكلام قرينة، البعضية، لا مطلقة، ولا معينة، فلهذا جاز، وإن كان قليلا، وصف المفرد بالجمع، نحو قولهم: أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض، على ما حكى الأخفش، و: (لا تحرم الاملاجة والاملاجتان) 2، مفيد للاستغراق الذي يفيده الاسم لو كان منكرا، نحو: لا تحرم املاجة ولا املاجتان، فالمفرد في مثله يعم جميع المفرد،
(٢٣٧)