أقسم، فلا يكون القسم منجزا، بل معلقا بغشيان الليل، وهو ضد المقصود، إذ القسم بالضرورة حاصل وقت التكلم بهذا الكلام وإن كان نهارا، غير متوقف على دخول الليل، فإن قيل: فإذا كان ظرفا مجردا، فأيش 1 ناصبه؟
قلت: قال المصنف: ناصبه حال من الليل، أي: والليل حاصلا وقت غشيانه، ولي فيه نظر، إذ لا شئ هنا يقدر عاملا في (حاصلا) إلا معنى القسم، فهو حال من مفعول (أقسم) فيكون الأقسام في حال حصول الليل، كما أن المرور في قولك مررت بزيد صارخا: في حال صراخه، وحصول الليل في وقت غشيانه، لأن وقت غشيانه ظرف له، كما أن الخروج في قولك: خرجت وقت دخولك: في وقت دخول المخاطب، فيكون الأقسام حال غشيان الليل، وهو فاسد، كما مر، وأيضا، في قوله تعالى: (والقمر إذا اتسق 2)، يلزم أن يكون الزمان حالا من الجثة، ولا يجوز، كما لا يجوز أن يكون خبرا عنها، وقيل: (إذا) بدل من المقسم به مخرج عن الظرفية، أي: وقت غشيان الليل، وفيه نظر من وجهين: أحدهما من حيث إن إخراج (إذا) عن الظرفية قليل، والثاني أن المعنى: بحق القمر متسقا، لا بحق وقت اتساق القمر، وليس يبعد أن يقال، هو ظرف لما دل عليه القسم من معنى المعظمة والجلال، لأنه لا يقسم بشئ إلا لحاله العظيمة، فتعلقه بالمصدر المقدر، على ما ذكرنا في المفعول معه، من جواز عمله مقدرا عند قوة الدلالة عليه، وخاصة في الظرف، فإنه يكتفي برائحة الفعل وتوهمه، كما هو مشهور، فالتقدير: وعظمته إذا اتسق، فهو كقولك: عجبا من زيد إذا ركب، أي من عظمته، والظرف ههنا لا يصلح أن يكون معمولا لإنشاء التعجب، كما لم يصلح هناك لكونه معمولا، لإنشاء القسم، فأضمر العظمة، إذ لا يتعجب إلا من عظيم، كما لا يقسم إلا بعظيم في معني من المعاني،