ولا يجيئ بعد (إذ) المفاجأة إلا الفعل الماضي، وبعد (إذا) المفاجأة الا الاسمية، وكان الأصمعي 1، لا يستفصح إلا تركهما في جواب بينا وبينما، لكثرة مجئ جوابهما بدونهما، والكثرة لا تدل على أن المكثور غير فصيح، بل تدل على أن الأكثر أفصح، ألا ترى إلى قول أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه، وهو من الفصاحة بحيث هو: (بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عقدها لآخر بعد وفاته)، 2 ولما قصد إلى إضافة (بين) اللازم إضافته إلى مفرد، إلى جملة، والإضافة إلى الجملة كلا إضافة، على ما تقدم، زادوا عليه (ما) الكافة، لأنها التي تكف المقتضى عن الاقتضاء، أو أشبعوا الفتحة فتولدت ألف، ليكون الألف دليل عدم اقتضائه للمضاف إليه، لأنه كأنه وقف عليه، والألف قد يؤتى به للوقف، كما في: أنا، والظنونا، 3 وأصل (بين) أن يكون مصدرا بمعنى الفراق، فتقدير: جلست بينكما، أي مكان فراقكما، وتقدير: فعلت، بين خروجك ودخولك: أي زمان فراق خروجك ودخولك، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فبين، كما تبين، مستعمل في الزمان، والمكان، وأما إذا كف بما، أو الألف وأضيف إلى الجمل، فلا يكون إلا للزمان، لما تقدم من أنه لا يضاف من المكان إلى الجمل إلا (حيث)، و (بين) في الحقيقة، مضاف إلى زمان مضاف إلى الجملة، فحذف الزمان المضاف، والتقدير: بين أوقات زيد قائم، أي بين أوقات قيام زيد، فحذف الوقت لقيام القرينة عليه، وهي غلبة إضافة الأزمنة إلى الجمل، دون الأمكنة وغيرها، فيتبادر الفهم في كل مضاف إليها، إلى الزمان، فصار (بين) المضاف إلى الزمان زمانا، لأن (بين) ان أضيف
(١٩٦)