الخطاب الثاني الوارد هناك على وجوه القرينة والكشف عن تقييد الأول بنفسه.
ثم إن هذا الإشكال لا يختص بالخبرين، بل يجري في المتزاحمين من الواجبات النفسية - أيضا - فإن التدافع بينهما - أيضا - إنما هو بين وجوب كل منهما عينا وبين وجوب الآخر كذلك، ولا فرق ثمة - أيضا - بين أن يكون المتزاحمان مندرجين في عنوان واحد - بمعنى كونهما فردين من واجب واحد - كإنقاذ غريقين أو مندرجين في عنوانين، كإنقاذ غريق مع إطفاء حريق، لعين ما مر في الخبرين.
ثم إن حكم الطريقين المتعارضين في حد أنفسهما لو كان هو مجرد جواز العمل - أيضا - لا يمكن ثبوته لهما بالنسبة إلى مورد التعارض، فلا يعقل إطلاقه بالنسبة إليه، كما قد أشرنا إليه، وكذلك لا يعقل تقييده بصورة التعارض - أيضا - كما لا يخفى، لعين ما مر من المانع من تقييد الوجوب على تقديره، فلا تغفل (1).
قوله - قدس سره -: (لكن ما ذكره من الفرق بين الإجماع والدليل اللفظي لا محصل ولا ثمرة له) (2) حاصله أنه لا يتحقق التعارض بين الدليلين إلا إذا كان كل واحد منهما حجة في نفسه، وجامعا لشرائط الحجية كذلك، بحيث لا مانع من وجوب العمل بكل واحد منهما على سبيل التعيين إلا وجوب الآخر كذلك، إذ لو لم يكن شيء