تقصير المكلف لعدم تحفظه لعدد ما عليه من الفوائت مع التفاته إلى اشتغال ذمته بها والتمكن من حفظها فالعقل لا يحكم بقبح العقاب حينئذ على القضاء المجهول بسبب النسيان عن تقصيره، بل الظاهر أنه يصحح عقابه على ترك ما عليه من القضاء الذي قد التفت إليه في زمان ولم يحفظه إلى أن نسيه فصار مجهولا عنده لذلك النسيان.
وهكذا نقول في مسألة الدين أيضا فإن من كان بانيا على الاستدانة من أحد كثيرا على نحو التدريج فلم يحفظ ما يأخذه في دفتر فعرض له النسيان فيما بعد شك في أن الدين عشرة دراهم مثلا أو عشرون فالعقل لا يقبح العقاب حينئذ على ترك أداء العشرين إذا كان هو تمام الدين في الواقع مع جهله به.
فإن قيل: إن هذا مناف لما اتفقوا عليه من عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية بل جواز إجراء أصالة البراءة من أول الأمر.
قلنا: الاتفاق في الصورة التي ذكرناها ممنوع، لوجود القول بما ذكرنا من كثير من الأعلام في قضاء الفوائت فيها كما عرفت، بل لم يقيد هؤلاء وجوب الاحتياط فيها بالتقصير كما فعلنا.
وكيف كان فالذي هو مناط وجوب (1) الفحص في الشبهات الحكمية بعينه موجود في الصورة المفروضة وهو علية الوقوع في مخالفة الواقع لو لا الفحص، والتحفظ هنا قائم مقام الفحص لعدم طريق للفحص بعد النسيان وإنما طريقه منحصر في التحفظ قبله فلا يعذر الجاهل المقصر التارك له مع تمكنه منه عند العقل في مخالفة التكاليف المجهولة عليه بسبب جهله المسبب عن تقصيره.
والحاصل أنا لا نجد فرقا بعد المراجعة إلى عقولنا في الحكم بعدم المعذورية في مخالفة التكليف المجهول على تقديره وكون احتماله سببا للتنجيز