من المقاتل التي تخص أحد الأئمة المعصومين (عليهم السلام) غير الإمام الحسين (عليه السلام) لا يتجاوز عدد أصابع اليد، وهذا يدعو المحققين والمؤلفين إلى التأمل. وهو في الوقت ذاته إن دل على شيء فإنما يدل على مدى الاهتمام الذي بذله الشيعة في الحفاظ على ذكرى واقعة كربلاء ومجالس العزاء التي تقام سنويا وشهريا في جميع الأقطار الإسلامية.
والذي يجب على المحققين والمفكرين هو البحث العميق والجري المستوعب لجميع النصوص التأريخية والروائية الموجودة في المكتبات العامة والخاصة لاستخراج وتنقيح جميع الابعاد التي يمكنها أن تعكس الصورة الحقيقية لاستشهاد المعصومين (عليهم السلام) وعرضها على جميع أرجاء المعمورة بما يتناسب وسيرة هؤلاء الهداة الصادقين وحياتهم الربانية، ليشغف أسماع الأجيال على مر العصور بترانيم الصدق والشجاعة والشهامة والمروءة.
وأما هذا الكتاب:
ففي عام 1366 ه. ش، اقترح جمع من المسؤولين في منظمة الإعلام الإسلامي، أن تتحمل المنظمة المذكورة أعباء إعداد مقتل معتبر للمعصومين (عليهم السلام) وذلك بسبب ما شوهد في بعض مجالس العزاء أن بعض الخطباء وقراء المراثي يذكرون أمورا لا تستند إلى مصدر معتبر، ثم تتناقلها صدور العامة ما يؤدي في الغالب إلى الاستهانة بمقام العصمة وكرامة أهل البيت (عليهم السلام)، فاتفقت كلمة المفكرين وأصحاب الكلمة على الحد من هذه الظاهرة.
ومن جملة الطرق المقبولة التي يمكن القيام بها في رفع هذا المحذور هو تصنيف مقتل جامع يستند إلى المصادر الموثوقة، تراعي في تنظيمه المتبينات الاعتقادية لدى الشيعة وإخضاع الاخبار - ما أمكن - إلى الموازين التي تثبت صحتها من سقمها.