لكنما نجد الغريب من مؤرخينا وباحثينا المعاصرين، يحيكون على منوال سلفهم، ويرددون أقوالهم، مع علمهم بمواقع الخطأ، ومع أنهم لا يعيشون ظروفهم، وأنهم ينعمون بحرية الرأي بمفهومها الواسع، ومع هذا كله يحاولون بدورهم تجاهل الأحداث بصورة عامة، وهذا الحدث بصورة خاصة، والتقليل من أهميته عن قصد، أو دون قصد.
ولأجل تثبيت الواقع، وكشف الحقيقة التأريخية، حاولت جادا أن اظهر ملامح التأريخ قدر استطاعتي، مما استخلصته من كتب التأريخ والسيرة.
ولو أنني لا أدعي الكمال والوصول إلى إظهار الحقيقة التأريخية، غير أني حاولت أن أرسم علامة استفهام حول طبيعة هذا الحدث، والهدف الذي خطط له الخليفة العباسي المأمون، ونواياه المشبوهة، وهو المعروف بحزمه وذكائه.
ومن هذا المنطلق أتساءل؟ كيف يمكن للمأمون العباسي أن يقدم عرش الحكم العباسي، الذي أريق من اجل تثبيته أنهار من الدماء وجبال من الجثث، هدية باردة إلى (الإمام العلوي) دون عناء، لينقل الحكم في دوره من العباسيين إلى العلويين، وهل هذا التصرف يصدر من حاكم قوي محنك؟؟؟ أنا لا أعتقد أن يصدر مثل ذلك من رجل قتل أخاه الأمين وعددا كبيرا من أبناء عمه العباسيين في سبيل انفراده بالحكم.
المأمون الذي بتر ساعده الأيمن وقتل رئيس وزرائه الفضل بن سهل، والقائد العام لقواته المسلحة، والذي فتح بغداد وقتل أخاه الأمين وعددا كبيرا من قادة العباسيين وفعل ما فعل وركعها له وأخضعها لحكمه، قتله غدرا في حمام سرخس بعد أن أعطاه الأيمان المغلظة والأموال الطائلة وغيرها.
تريد أن يسلم عرش العباسيين طعمة باردة للإمام الرضا (عليه السلام) حتى يحكم