مسلحا مهددا إياهم إن لم يتفقوا خلال ثلاثة أيام سوف يقتلون جميعا، أو يقتل المخالف منهم.
والذي يهمنا من هذا أن نكشف بعض الغموض الذي تلبسها، وأوقع جملة من الباحثين في تخبط عشوائي، ضلت معه النتائج عن بعد نظرهم، الذي لا يتعدى في بعده عن الطفو الذي يتسرب إلى السطح - سطح الماء - دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التحقيق والغور في مسالك العمق، ليصلوا إلى الحقيقة.
ومن الجدير بالذكر أن نشير هنا إلى أن الإمام (عليه السلام) حين رفض تنازل المأمون له عن الخلافة، أو تقلد مركز ولاية العهد، فذلك لأنه يشعر بعمق الهدف وخطورته الذي تنطوي عليه خطة المأمون، وأن الرغبة لم تكن صادقة بنحو يصدق معها الغرض، بل هو دور سياسي أراد المأمون أن يتقن لعبته فيه في فترة زمنية معينة، دعت إليه ضرورات السياسة التي كانت تهدد مركز الحكم العباسي، ويتوقف على دفعها مصيره.
وقبول الإمام (عليه السلام) الولاية كان على مضض، قائلا له: إن بقيت بعدك.
واشترط عليه أن لا يأمر ولا ينهى، ولا يتدخل بأي شأن من شؤون الدولة أبدا، فقبل المأمون منه ذلك.
وكانت النهاية المرتقبة بعد هذا، حين اكتملت فصول الرواية التي أعد لها المأمون من قبل، وأتقن دوره الدقيق فيها ببراعة وإحكام، وضمن لفترة حكمه هدوءا، ما كان ليستقيم له الحكم على ما نعتقد، لولا لعبته هذه.
وإلى جانب ذلك سنحاول عرض بعض الجوانب الحياتية للإمام لتكتمل الصورة بأطرافها.
وإلى هذا الحد أختتم هذه المقدمة، وأترك التفصيل والتحليل فيما يأتي في هذا