فمكثت عامة الليل معه، ثم أوتيت بعشاء، ثم قال: افرشوا له، ثم أوتيت بوسادة طبرية، ومرادع، وكساء قياسري (1)، وملحفة مروي.
فلما أصبت من العشاء، قال لي: ما تريد أن تنام؟ قلت: بلى جعلت فداك، فطرح علي الملحفة والكساء، ثم قال: بيتك الله في عافية، وكنا على سطح، فلما نزل من عندي قلت في نفسي: قد نلت من هذا الرجل كرامة ما نالها أحد قط، فإذا هاتف يهتف بي: يا أحمد، ولم أعرف الصوت، حتى جاءني مولى له، فقال:
أجب مولاي. فنزلت فإذا هو مقبل إلي، فقال: كفك، فناولته كفي فعصرها، ثم قال:
إن أمير المؤمنين (عليه السلام) أتى صعصعة بن صوحان عائدا له، فلما أراد أن يقوم من عنده، قال: " يا صعصعة بن صوحان، لا تفتخر بعيادتي إياك، وانظر لنفسك، فكأن الأمر قد وصل إليك، ولا يلهينك الأمل، أستودعك الله، وأقرأ عليك السلام كثيرا " (2).
في هذا الحديث إشارة واضحة إلى أهمية التربية الروحية الواقعية والنظرة الموضوعية بعيدا عن المؤثرات الخارجية العابرة، والتصورات النفسية المزيفة، فلا بد أن نكون حريصين على أنفسنا من أن ننخدع بشيء يبعدها عن التفكير بواقعها الذي يرتبط مصيرها به، وعلينا أن ننظر إليها بنظرة موضوعية، ترتبط بواقع الذات وأهميتها.