ولا تقتصر الثقافة السلوكية في المجال التربوي والتوجيهي مجردة على التوعية الكلامية والممارسات السلوكية، بل تتعدى ذلك إلى فرض الرقابة العملية الدقيقة وملاحظة أخطاء السلوك في المسيرة الحياتية للآخرين، وفي هذا المجال كثير من الأمثلة سنتعرض لذكر بعضها في هذا الفصل.
وقد اعترف للإمام الرضا (عليه السلام) بالأفضلية والأعلمية ومكارم الأخلاق والعبادة الأعداء والمخالفون فضلا عن الأصحاب والأتباع والمؤالفين.
فعن أبي الصلت وياسر الخادم وغيرهما: أن المأمون قال للرضا (عليه السلام):
يا بن رسول الله، قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك، وأراك أحق بالخلافة مني.
فقال الرضا (عليه السلام): بالعبودية لله أفتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله... الحديث (1).
وفي رسالة المأمون إلى العباسيين المعترضين على توليته للعهد، عن الحاكم النيسابوري، قال: وأما ما ذكرتم من استبصار المأمون في البيعة لأبي الحسن، فما بايع له إلا مستبصرا في أمره، عالما بأنه لم يبق على ظهرها أبين فضلا، ولا أظهر عفة، ولا أورع ورعا، ولا أزهد زهدا في الدنيا، ولا أطلق نفسا، ولا أرضى في الخاصة والعامة، ولا أشد في ذات الله منه... (2).
وفيما يلي نقدم نبذة يسيرة من سائر فضائله الجمة ومناقبه الكثيرة وسيرته