السبب الأول:
1 - قيل: إن السبب في ذلك أن الرشيد كان قد بايع لابنه محمد الأمين بن زبيدة، وبعده لأخيه المأمون، وبعدهما لأخيهما القاسم المؤتمن، وجعل أمر عزله وإبقائه بيد المأمون، وكتب بذلك صحيفة وأودعها في جوف الكعبة، وقسم البلاد بين الأمين والمأمون، فجعل شرقيها للمأمون، وأمره بسكنى مرو، وغربيها للأمين، وأمره بسكنى بغداد.
فكان المأمون في حياة أبيه في مرو، ثم إن الأمين بعد موت أبيه في خراسان خلع أخاه المأمون من ولاية العهد، وبايع لولد له صغير، فوقعت الحرب بينهما، فنذر المأمون حين ضاق به الأمر إن أظفره الله بالأمين أن يجعل الخلافة في أفضل آل أبي طالب (1). فلما قتل أخاه الأمين، واستقل بالسلطنة، وجرى حكمه في شرق الأرض وغربها، كتب إلى الرضا (عليه السلام) يستقدمه إلى خراسان ليفي بنذره.
وهذا الوجه اختاره الصدوق في (عيون الأخبار) فروى بسنده عن الريان ابن الصلت: أن الناس أكثروا في بيعة الرضا من القواد والعامة، ومن لا يحب ذلك، وقالوا: هذا من تدبير الفضل بن سهل، فأرسل إلي المأمون فقال: بلغني أن الناس يقولون: إن بيعة الرضا كانت من تدبير الفضل بن سهل؟ قلت: نعم.
قال: ويحك يا ريان، أيجسر أحد أن يجيء إلى خليفة قد استقامت له الرعية، فيقول له: ادفع الخلافة من يدك إلى غيرك! أيجوز هذا في العقل؟ قلت: لا والله.
قال: سأخبرك بسبب ذلك، إنه لما كتب إلي محمد أخي، يأمرني بالقدوم عليه، فأبيت عليه، عقد لعلي بن عيسى بن ماهان، وأمره أن يقيدني بقيد، ويجعل