ونفذ أوامر الرشيد بها، ولما انتهى إلى دار الإمام الرضا (عليه السلام) بخيله وجنده، وقف الإمام على باب داره، وجعل نساءه في بيت واحد، وحاول أن يمنعهم من دخوله، فقال له الجلودي: لا بد وأن أدخل البيت، وأتولى بنفسي سلبهن، كما أمرني الرشيد، فقال له الرضا (عليه السلام): أنا أسلبهن لك، ولا أترك عليهن شيئا إلا جئتك به، وظل يمانعه، ويحلف له بأنه سيأخذ جميع ما عليهن من حلي وحلل وملابس حتى سكن، ووافق على طلب الإمام (عليه السلام).
فدخل أبو الحسن الرضا (عليه السلام) على نسائه، ولم يدع عليهن شيئا حتى أقراطهن وخلاخيلهن وملابسهن إلا أخذه منهن، وأضاف إليه جميع ما في الدار من قليل وكثير وسلمه إلى الجلودي.
وعندما ملك المأمون غضب على الجلودي وأراد قتله، وكان الإمام الرضا (عليه السلام) حاضرا، فقال (عليه السلام): يا أمير المؤمنين، هب لي هذا الشيخ.
فقال المأمون: يا سيدي، هذا الذي فعل ببنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما فعل من سلبهن!
فنظر الجلودي إلى الرضا (عليه السلام) وهو يكلم المأمون ويسأله أن يعفو عنه ويهبه له، فظن أنه يعين عليه، لما كان الجلودي فعله. فقال: يا أمير المؤمنين، أسألك بالله وبخدمتي للرشيد أن لا تقبل قول هذا في.
فقال المأمون: يا أبا الحسن، قد استعفى، ونحن نبر قسمه.
ثم قال: لا والله، لا أقبل فيك قوله، ألحقوه بصاحبيه (1)، فقدم وضربت عنقه (2).