فعن سليمان الجعفري، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): ما تقول في أعمال السلطان؟ فقال: يا سليمان، الدخول في أعمالهم، والعون لهم، والسعي في حوائجهم عديل الكفر، والنظر إليهم على العمد من الكبائر التي يستحق بها النار (1).
وقد حافظ الإمام (عليه السلام) على هذا الموقف حتى النهاية، وعندما قبل ولاية العهد كان ملتزما بالسلبية تجاه الحكم، حيث إنه (عليه السلام) أشخص من المدينة إلى مرو مكرها، وقبل بولاية العهد بعد تهديده بالقتل، ومع ذلك فقد شرط على المأمون أن لا يمارس أي نوع من أنواع السلطة في حل أو عقد وفي عزل أو تعيين، وعلى أن لا ينقض رسما ولا سنة، بل يكون مشيرا من بعيد.
وخلاصة القول إنه (عليه السلام) كان يعلم أن هذا الأمر لا يتم، وأنه دخل فيه دخول خارج منه، ولم يزل (عليه السلام) مغموما مكروبا حتى قبض، وسنأتي على تفصيل ذلك في ثنايا هذا الفصل إن شاء الله.
أما في حالة المشاركة في السلطة لدفع الظلم والجور عن كاهل الأبرياء من المؤمنين، وتخفيف وطأة الجوع والحرمان عن الفقراء والمحرومين، فإن الأئمة (عليهم السلام) كانوا يعتبرون في ذلك مصلحة دينية تقتضي دفع بعض النابهين من أصحابهم، لتوظيف أنفسهم في جهاز الدولة، كما حدث لعلي بن يقطين الذي حاول الاستعفاء من منصبه مرارا، لدى هارون الرشيد، ولكن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) كان يحثه على البقاء في منصبه، لما يترتب عليه من دفع الظلم والجور عن كثير من المؤمنين، وإصلاح ما يمكن إصلاحه من المفاسد التي يرتكبها الآخرون.
فعن الحسن بن الحسين الأنباري، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: كتبت